بقلم : علي أبو الريش
خسر المنتخب مباراة وخسر البعض أخلاقه، يقولون إن الرياضة أخلاق والبعض سقط في نفق الصفاقة وعدم اللباقة، وتاه في غابة الكلام البذيء والألفاظ النابية، والنعوت التي لا تليق بمجتمع، حقق إنجازاً ثقافياً عالي الجودة، ولكن البعض يصر على جر العربة إلى الوراء، إلى مهاوٍ يغيب فيها الوعي، ويؤجل العقل عمله إلى أجل غير مسمى. في مباراة الإمارات
والسعودية وقبل المباراة بدقائق، كان المدرب مهدي علي النجم الساطع والعبقري اللامع وحبيب الجماهير، وبعد المباراة تغير المزاج، وانحدر المصفقون إلى الدرك الأسفل، وصار هذا المدرب ابن البلد، والذي نجح في مواقع كثيرة، السبب في الفشل الذريع، ولذا علقت لأجله مشانق السباب والشتائم، ونسوا جميعاً النجاحات التي حققها مهدي علي، والتفتوا إلى الإخفاق في
مباراة واحدة. مشكلتنا أننا عاطفيون، انفعاليون، مزاجيون لا نحترم قوانين العقل، ونتكئ دوماً على السطحية في إطلاق الأحلام، وإلى الجحود ونكران جميل الناس، والنظر إلى لحظة الخطأ، نصب جام غضبنا على شخص بعينه دون سواه، ونعتبره المتسبب الأول في الوقوع في الهزيمة.
يا جماعة الخير في كل منافسة لابد من منتصر ومنهزم، والهزيمة في أي مقارعة لا تعني نهاية العالم طالما يوجد هناك طموح وطالما تتوافر الإرادة. ولكن على ما أعتقد أن البعض لديه مشكلة مع نفسه، فهذه الضغينة المتحكمة في ذاته، يعلق أسبابها على مشجب الآخرين، وبالتالي يصبح هؤلاء مصدر حزنه وأسفه، ولا يستطيع مواجهة نفسه، فيتجه إلى كيل كل ما يختزنه
من غضب على طرف قد لا يكون سبباً مباشراً لأي خطأ يحدث. نحن بحاجة إلى تنقية صدورنا من الكبت، وإلى تصفية عقولنا من الجهل، وإلى بث روح الأمل حتى في أصعب الحالات، لأن من يخاف الهزيمة لا يقطف النصر، علينا تقع مسؤولية مواجهة أنفسنا بحزم وقوة، وعلينا أيضاً أن نحافظ على المواهب لدينا، والقدرات البشرية التي بين أيدينا، فمهدي علي شاب
أعطى وقدم وأنجز ونجح، فليست كارثة أن يخفق المنتخب الذي يديره، والمفروض أن ننظر إلى الأمام، وألا نحبط الشباب الذين معه، فهؤلاء يقدمون ويبذلون ويتعبون والمثل يقول: «اللي ايده في النار غير عن اللي ايده في الماء»، الذين يجلسون خلف المقاعد الوثيرة وينتقدون ويشرحون وينظرون عليهم أن يخففوا الوطء، وألا يبالغوا في «مفهوميتهم».. فسواء كان مهدي
علي أو رفاقه في الملعب فهؤلاء جميعاً أبناؤنا وأحباؤنا يجب أن نقف معهم، وأن ندعمهم ونعزز خطاهم بالتشجيع والمؤازرة، وإنْ كان هناك زلات وثغرات يجب أن نتلافاها جميعاً بتبنيها بأسلوب حضاري وشفافية بعيداً عن كسر العظم، وإطلاق المفخخات في وجه الرجال الذين لم ينشف عرقهم بعد.