بقلم : علي أبو الريش
عيد العراق، نار على نار، وسعار عقول، آمنت أن الحقد وسيلة من لا وسيلة له غير القتل والفتك، ففي الأيام المباركة تنفجر كرادة العراق برمتها وتختلط الدماء بالدموع وتطفئ ألسنة النيران شعلات الفرح، ويصبح العيد خيمة عزاء عملاقة ومأتم أحزان داعشي الدمغة.. جيش عروم من الفلول والعلوج يدخلون بوابة العراقة المفتوحة على آخرها، ويخرجون وأيديهم ملطخة بدماء الأبرياء، الذين ظنوا بعد الصوم خطراً يبسط موائد الفرح ويعيد للعراقيين بعض ما فقدوه، وبعض ما أفلت من إرادتهم، وبعض ما خسروه إثر الديموقراطية الطائفية التي تورمت وتقرحت وجرحت وسممت الأبدان والأذهان حتى بات الإنسان يفقد ثقته بكل الشعارات الحزبية، ويؤمن أن زمن العراق العظيم قد ولى، وجاء زمن الوصاية والوشاية والغواية والدعاية ولا وقاية غير اليقظة والصحوة وإعادة الأمور العراقية إلى نصابها الصحيح.
ما يجري في العراق، نتيجة حلم أصبح كابوساً، هو في حقيقة الأمر حمل كاذب، تفتح له حسام الروح والجسد ثم أصبح هراء وافتراء واكتواء وانضواء تحت مظلات ورقية لا تحمي من حر ولا تدفئ من برد، كل ما في الأمر، العراق تحول إلى كرة جحيم، تتدحرج على أجساد الأبرياء فتحرق النخل والرطب، وتكوي السهل والعشب ولم يبق أمام العراق المسقوم والمهموم سوى أن ينتظر الذي لا يأتي ويأمل بحساء من وعاء فارغ، ويتأمل اللوحة، فلا يرى غير دخان وغبار اختلطا بدموع الباكين المتحسرين على أيام زمان، والزمان لا يعود، كما أن الكذبة تتورم طالما بقي من يغذي الوهم، ومن ينشر السقم ومن يرتكب الجرم، ويبرز أنياب الشراهة والبلاهة بكل صلف وعسف، ولا يبالي أن العراق مخزن التاريخ العربي، ومن يعتدِ على حرمته فإنه يدمر تاريخ أمة، ويخرب حضارة أمة ويشوه ثقافة أمة.
والدعوات إلى إنقاذ العراق لا تفيد، واعتراف بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بالجريمة لا يشفع، وتأكيد البيت الأبيض أن ما حصل خطأ استخباراتي لا ينفع، فقد طارت الطيور بأرزاقها، وأصبح العراق اليوم نهباً للضالعين في نشر الحقد والاعتداء على سيادة الآخرين، والاستهزاء بكل الأعراف الدولية.. العراق بحاجة إلى ضمير عراقي حي لينقذ ما يمكن إنقاذه وإلا فإن نيرون روما يتشكل من جديد على هذه الأرض الطاهرة.