الوحدة في الجائحة

الوحدة في الجائحة

الوحدة في الجائحة

 صوت الإمارات -

الوحدة في الجائحة

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

منذ أن هلّ هلال الشهر الكريم، وهذه المرأة تجلس عند عتبة باب منزلها وتتأمل الشارع الخاوي، وتنصت إلى الصمت الذي اختبأ في مسمعيها محركاً في داخلها آلة الماضي، ومزلزلاً جوارحها، وجوانحها.
ما الذي يجري في العالم؟ هكذا سقطت العبارة من فمها المطبق، كأنها الشهاب السماوي، ثم أدمعت عيناها، وهي تلتفت إلى الوراء وترصد عدد الأطباق المصفوفة في الأدراج الخشبية، دون أن تلمسها يد.
وقالت في لغة مضعضعة: ماذا فعلت بقلبي يا كورونا؟ ثم مسحت الدمعة الحيرى، وأخذت نفساً عميقاً، ولحست الملح من بين شفتيها، وهي تتعقب خطوات الكائن الصغير الذي تخبط على الأسفلت مجروراً بحرف الشطف، والجوع، ولما اقترب منها، دعته للدخول، ورغم تقبله الدعوة، إلا أنه حرص ألا تلمسه يد المرأة، فاختلس شق الباب الموارب، وتسرّب بسرعة وما أن ابتعد عن المرأة لمسافة خطوات قصيرة، ارتد، وأصدر مواء دلّ على أنه يريد من المرأة أن تقوده إلى مكان الطعام، بينما ظلّت المرأة متسمرة في مكانها تتفحص وجه الكائن، والذي أحسّت فجأة أنه قريب إلى قلبها، وأنه ملأ فجوة ما انحفرت في صدرها جرّاء كورونا، ولم تستطع المرأة إيقاف مواء الكائن إلا عندما سارت أمامه وتبعها هو إلى المطبخ، وهناك سحبت المرأة وعاء معدنياً، مليئاً ببقايا سمك، وقدمته، وهمّ الحيوان الضعيف بتلقف الطعام ملهوفاً، وبين الفينة والأخرى ينظر إلى المرأة، محترساً من أي خطر، أو خدعة قد تبدو من المرأة.
استمرت المرأة في استضافة الحيوان، والذي أصبح أليفاً لا يعبأ بأي خطر، بل صار يقترب من السيدة، ويلتف في طرف ثوبها، ويموء بصوت حنون.
ومع مرور الأيام ألفت المرأة هذا الحيوان، كما ألفها، وصار واحداً من أفراد الأسرة، والتي في الأساس تتكون من المرأة، مع خادمتها.
شعرت المرأة أن هذا الكائن «غير العاقل» أكثر ذكاء من كثير من البشر، فإنه برغم الجائحة، والاستنفار العالمي لضربه، وطرده، والانتصار عليه، فإن هذا الحيوان اعتاد على مواجهة الفيروسات بقدراته الذاتية، والاعتماد على مناعته الجسدية، وهذا ما جعل المرأة تكتفي بوجود الحيوان، وتقتنع بأنه لا مجال للاختلاط بالبشر، طالما بقي كورونا يحوم في أرجاء العالم، فتعلّقت بالحيوان، إلى درجة أنها لم تصبر على غيابه لبرهة، ولكن هناك من يتربص بكل الكائنات، إنه الموت، ففي يوم، غاب الحيوان، ولم يحضر مائدته المعتادة، ولما بحثت عنه، وجدته ملقياً في عرض الشارع، بعد أن دهسته سيارة حمقاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوحدة في الجائحة الوحدة في الجائحة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 10:18 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كارينا كابور في إطلالة رشيقة مع أختها أثناء حملها

GMT 15:51 2019 الإثنين ,13 أيار / مايو

حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بالشهر الفضيل

GMT 15:56 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

"الديكورات الكلاسيكية" تميز منزل تايلور سويفت

GMT 12:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

قيس الشيخ نجيب ينجو وعائلته من الحرائق في سورية

GMT 11:35 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

أمل كلوني تدعم زوجها بفستان بـ8.300 دولار

GMT 08:09 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يُثني على النجم أبو تريكة ويعتبره نجم كل العصور

GMT 19:44 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

"شانيل" تبتكرُ قلادة لؤلؤية بطول 60 قدمًا

GMT 16:32 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

كنيسة قديمة تتحول إلى منزل فاخر في جورجيا

GMT 16:59 2018 الثلاثاء ,10 تموز / يوليو

جاكوبس تروي تفاصيل "The Restory" لإصلاح الأحذية

GMT 17:32 2013 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مقتل صاحب إذاعة موسيقية خاصة بالرصاص في طرابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates