طائر بثلاثة أجنحة

طائر بثلاثة أجنحة

طائر بثلاثة أجنحة

 صوت الإمارات -

طائر بثلاثة أجنحة

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

وأنت في الشرفة، في الدور الرابع، يبدو الفندق، مثل سحابة وأنت على متنها طائر يحلق في المكان متأبطاً الوجودية كأنها ريش نعام تغطي وجه الحياة، وتلونها بالدهشة.
في هذا الفندق، «إيلا جراند»، وأنت في العلو المتدفق وعياً بأهمية العين كمدينة خضراء، وأهميتها كعابرة لوجدان صبي كان في نعومة أظفاره ينصت إلى الهديل فوق أغصان الشجرة المحروسة بعيون عشاقها، في تلك الزاوية من العالم التي يطلق عليها اسم «الحديبة»، واليوم وبعد فراق طالت سنواته، يجد نفسه مسربلاً بأحلام تبدو مثل لون الغبار على المرايا القديمة، يجد نفسه في حضرة حسناء تجلت صباحاً كأنها الباقة، زاهية بهية صافية مثل عيون الطير، هي مدينة العين، حباها الله بقطرات الندى، تنثر بريقها مثل فصوص القلائد على نحور ذوات العيون الحور، المتوجات بلمحة البرق.
أينما تولي وجهك تجد الصباح يحلق بثلاثة أجنحة، جبل حفيت، والعين الفايضة، والمبزرة، وأنت هنا تعبر التاريخ، كأنك تمخر عباب المحيط، أنت تموج بأيامك، وأحلامك، وطور فوضاك العارمة ترى ما يراه النائم في ذات ليلة مبهجة، ترى المشهد في هذه المدينة احتفالياً، ترى المدينة كقارئ امتهن الصمت، ليجلي ما في الفؤاد من صدأ، ويستمر في التواصل مع النجمة ومعانقة الغيمة، وتلاوة الإبداع الإلهي بتمعن، ودقة ورقة، تجد المدينة كعابد متبتل، يرنو إلى السماء وقد تزينت بصفاء، وينظر إلى الأفق وقد تباهى بنسقه الرباني مسبوكاً بحمرة الخدين.
هذه المدينة تسكن عند خاصرة التضاريس الإماراتية، وقد نأت في مكانها بعيداً عن الضجيج، وتسامت عن فحيح المخلوقات ذات الصوت المعدني، هي هكذا في براءتها بدت في أتم شفافيتها، محتفية بالنهار، بأغنيات سرية لا يتقنها إلا الطير، والذي هام، وحام، وسارت قوافله مصفقة بأجنحة كأنها كفوف أطفال في ساعة مرح.
هذه المدينة تسترخي على مهد الاخضرار، وتسرج خيول محبتها، بعفوية منسابة من مهج التاريخ وتتأمل العالم، كرسام يوشك أن يبدأ في وضع الخطوط الأولى لوجه موناليزا صحراوية والريشة غصن غافة، واللون من لون الرمال الذهبية، تتخيل ذلك الرسام، فقد يكون بيكاسو أو فان جوخ، أو سواهما، أو بدوياً من صلب الصحراء، بزغ هنا تحت ظلال الغاف شعاعاً فطرياً، ينحت الأرض بأقدام كأنها أقلام الحبر، وكأنه الفيض السماوي على الأرض.
هنا في العين تبدو الأشياء جميعاً، فرحاً، برائحة النخيل، وطعم الليمون، وعبق الأفلاج التي إن غادرت مكانها، تبقى في ذاكرة الناس الطيبين، شرايين حياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طائر بثلاثة أجنحة طائر بثلاثة أجنحة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates