قلعة الجاهلي والبئر القديمة

قلعة الجاهلي.. والبئر القديمة

قلعة الجاهلي.. والبئر القديمة

 صوت الإمارات -

قلعة الجاهلي والبئر القديمة

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

هنا في الطوق الجداري الحصين، كان لحراس المكان حكاية مع الماء، وكانت للبئر قصة العزف على الحبل ودلاء الرشفات الصباحية، كان طاليس قبل ذلك قال: «إذا كانت الأشياء جاءت من الماء، فلنصف الماء». والفكرة الأولى هي أن يكون الإنسان البيرق، والبرق وشهاباً سماوياً يطلع على الخليقة، ليضيء، ويسفر عن وهج ولهج، وأن يضع المكان ما بين الرمش والرمش، لذلك كانت لقلعة الجاهلي عيون ترصد، وآذان تتبع الخطوات، لتذود عن الحمى، وتمنع عن موائل الجياد جمرة الاحتراق، والحراس لديهم اليد واللسان ودفقة الزناد عندما تتربص بالأرض المفترسات، والضواري.
عند التجول في محيط القلعة، وعند التأمل في المشهد، فكم هي القلوب كانت أشبه بالجداول، تروي الحياض وتحتسي من اللظى ما فاض وغاض!، وما البئر المدثرة بسياج، من حطب الصحراء إلا المسافة في التاريخ ما بين أمس وغد، والحاضر يسجل عدد الخفقات، وأنفاس الذين حدبوا، من جدب، وغاصت سواعدهم في العمق بحثاً عن رمق، أو عرق الجبين بلل التراب حتى ناخت نوق الأرض، فاعتصرت زلالاً، ومدت بالرحيق لواعج، وسدت بالعذوبة شغف العشاق، وهم يرفعون النشيد عالياً من أجل البقاء، من أجل حياة تنفرج أساريرها بتغاريد الطير.
مررت بتلك البئر، وتوقفت عندها، وتأملت بها ملياً، وقرأت تفاصيل ذلك الزمن وكيف كانت للبئر رواية بتفاصيل أكثر كثافة من هضاب الرمل، ومن هموم الذين وقفوا عند الفجر وعيونهم معلقة بالأفق، وأفئدتهم تنازع النجمة في مواطنها، واليوم وقد طوى ذلك الزمن عباءته، واندثر، وخب بعيداً، واستوت على الأرض أشجار تتلو صعوداً في الفضاء وتمد أذرعاً، والعصافير لم تزل تزقزق عند مجيء المساء باحثة عن بعض ذاكرة، متسائلة، هل لا تزال الشجرة العملاقة تظلل أديم الأرض، وتحتسي من ماء الينابيع دون البئر؟ مشهد يعيدك إلى مراحل ما بعد الفراغ، للتاريخ حبر لا تمحوه رياح الدهر، للتاريخ بصمة تنحتها ذاكرة عشاق ما نسوا الكتابة في دفتر الأحلام بأن هناك في مفصل من مفاصل التاريخ كانت قلعة، وفي القلعة بئر، وما بين القلعة والبئر، القاسم المشترك الأعظم، فالبئر تروي والقلعة تحرس، ليبقى المكان مصاناً بإرادة أبنائه، ليبقى المكان في قلب القلعة، كما هي القلعة في صميم حب الإنسان.
اليوم يبقى الأثر، عطراً يفوح في الأثير، ويؤثث وجدان الناس بآرائك الطمأنينة، وسندس العز، والفخر، بجيل أسس، ورعى، وحمى، واعتنى، وزرع شجرة الأحلام الزاهية في حقولٍ وعقولٍ، وفصول، حتى أصبح الماضي والحاضر رافدين لنهر يذهب إلى المستقبل بقوة الطموحات العظيمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قلعة الجاهلي والبئر القديمة قلعة الجاهلي والبئر القديمة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 01:44 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

جيمي أيوفي يستمتع مع أسرته في "أتلانتس دبي"

GMT 10:11 2012 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الطاقة الإثيوبي: في طريقنا لاستكمال مشروع سد النهضة في 2015

GMT 19:07 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اسباب تضخم الكبد وطرق العلاج

GMT 18:36 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

صفّ السيارات يتسبب في مشاجرة بالضرب بين رجل وفتاة في تكساس

GMT 20:58 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

أول اجتماع لرئيس التليفزيون لبحث تطوير القنوات المصرية

GMT 06:43 2015 الجمعة ,19 حزيران / يونيو

الطقس في الإمارات الجمعة مغبرًا جزئيًا

GMT 01:51 2016 الثلاثاء ,29 آذار/ مارس

افضل التصاميم البارزة لأحذية ربيع 2016

GMT 11:53 2013 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختتام مسابقة الخطابة باللغة العربية للجامعات الصينية

GMT 22:33 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

إطلالة مثيرة للموديل هايدي كلوم في حفل "أمفار"

GMT 02:28 2014 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

"الإسلاميّون" يعتبرون "العلمانيّة" ارتدادًا عن الدين

GMT 14:55 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

طاهية تصنع قطار من خبر الزنجبيل "بالحجم الطبيعي" في سيدني

GMT 22:11 2013 الأربعاء ,29 أيار / مايو

الموسيقى المعاصرة على "راديو فرنسا" الأربعاء

GMT 03:26 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

مجدي يعقوب يجري 3 عمليات "قلب مفتوح"

GMT 15:12 2013 الإثنين ,30 أيلول / سبتمبر

جامعة عثمانية إحدى أبرز جامعات الهند وآسيا

GMT 18:29 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الجامعة الأميركية في الإمارات تنظم مؤتمرًا عن "الناتو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates