بقلم : علي أبو الريش
الطفل نقطة الضوء في غرفة المجتمع، فحتى يمضي المجتمع في طريق السعادة لا بد أن تكون مصابيح الطفولة مضاءة بالأحلام الزاهية، والآمال الواعية، ولابد أن ينشأ أطفالنا تنشئة
سليمة حليمة رحيمة، مستقيمة، لا تغشاها غاشية، ولا تشوبها شائبة. وإطلاق مجلس أبوظبي للتعليم سياسة حماية الطفل في مدارس أبوظبي، تبدو البادرة الأولى في العالم العربي، وهي الخطوة التي سوف تثب بالتربية نحو محيطات بلا أمواج، وسهول بلا كثبان، وحقول مزروعة بزعفران الفرح، وريحان النفس المطمئنة، خطوة المجلس سوف تؤسس لجيل معافىً من
درن الانحراف، وبثور الخرافة المؤدلجة. وفي زمن أصبح فيه الادعاء وسيلة والافتراء حيلة، وجب علينا جميعاً أن نعتني بالطفولة، لأنها لبنة المجتمع، ومزنة تربته، وجب علينا جميعاً أن نكون يداً واحدة، وعقلاً واحداً، وقلباً واحداً، في مواجهة ما يعكر وما يسطر لأساطير الانتحار العقائدي، والتوجه الديني المشبوه.
نحن بحاجة إلى هذا الاعتناء، والاستواء إلى كلمة الحق وعبارة الحقيقة، لنحافظ على مكتسبات الوطن ومنجزاته العظيمة، ولنمنع أضغاث الأحلام، وزبد السيل، ورعاف العقول الممسوسة بالجهل والحقد والعدوانية ضد الناس جميعاً. نحن بحاجة إلى دور المؤسسة التعليمية لأنها صاحبة المبادرات النيرة، والمثابرات المبهرة، لأنها بيت التربية، ومنازل الذين حملوا حقائب التلقي، ورسموا الابتسامة عريضةً على وجوهٍ مثل باقات الورد، مثل أحلام الطير، وهفهفات الشجر، ونحن بحاجة إلى هذا الكد والجد والسد، لأن زمان الغفلة قد ولّى، ووقت النسيان قد أدبر.
نحن في زمن نحتاج فيه إلى العقول التي تفكر وتدبر، وتسبر، وتسطر حروفاً من ذهب على لوحة الوطن، وتسير بسفينة البلاد إلى حيث تتلألأ النجوم، وتشرق الشمس، ويحدق الطير، وتعزف الموجة نشيد الحب، للسواحل والكواحل والمناهل.
نحن بحاجة إلى الوعي، لنقهر ظلام المنطفئين، المختبئين تحت جنح العتمة، ليمارسوا عادة التجهيل، وإذلال الذات، لتصبح ناقة عرجاء، تسيح في صحراء بيداء قاحلة، مكفهرة، عابسة يابسة بائسة، طامسة غامسة.
نحن بحاجة إلى اليقظة لأنها سراجنا الذي يحمينا من الخفافيش، وغربان الليل، يحمينا من طفولة نشأت في فراغ المراحل، فأصبحت بلا مرسى ولا شارع تستدل به على مأواها.
نحن بحاجة إلى النجاح في انتخاب طفولتنا، واختيارها لأن تكون الأصفى والأنقى، والأوضح وبلا رتوش ولا رموش عبث بها غبار التسكع والانحطاط والإحباط.
نحن بحاجة إلى أكبادنا كي تكون صحيحة مليحة، مستريحة من هموم الفقدان.