بقلم : علي أبو الريش
بكم وفيكم يرتفع العلم، وترقى القيم، وتصفو الشيم، ويعلو الوطن على هامات النجوم والقمم. ارفعوا العلم لترتفعوا، وتنصعوا، وتسطعوا، وتلمعوا، وتينعوا، وتبرعوا، وتبدعوا، وتصير أعناقكم صواري وأشواقكم تفتح نوافذ الحلم. وأحداقكم تطوق المحيطات بسواحل الفرح.
ارفعوا العلم، وأنصتوا للرفرفات، كأنها الأجنحة، أمعنوا للهفهفات كأنها التغاريد، والمسوا القماشة الشفيفة، إنها كشفافية الغيمة، كرقرقة النجمة، إنها من شغاف القلوب بللت الألوان الأربعة، وأعطت المدى فضاءه ونقاءه، وصفاءه، ورخاءه، وثراءه، وسخاءه، وسماءه، وأهواءه. وطلاوة الذين أنعموا على الدنيا بالحب، وأثروا الحياة بالفرح، وملؤوا الإنسان بالسعادة.
ارفعوا العلم، إنه خير الدلالة والنعم، إنه أنشودة التكوين وبلا تخمين، يصرح أنه في الكيان علامة، وفي البنان شامة، والبيان مقامة وفي البنيان قوامه، إنه في الوجدان نبض وفي النفس حضن، وفي وقت الزحام كظ ورض، وفض، ارفعوا العلم، ومن خيوطه انسحبوا أهداباً للجفون، من ألوانه ارسموا سحاباً للعيون. ومن ساريته الوضاءة، اغرسوا وتداً لسقف الأحلام الباهرة.
ارفعوا العلم، لتطرف النجوم بالرفرفة، وتنشد السحابات للهفهفة، ويرقص الطير ريان هيمان، نشوان، لأحلى وأحلى مجازفة، ارفعوا العلم، وكونوا أنتم الراية والغاية، والبداية بلا نهاية، كونوا الرحلة الأبدية إلى العلا، إلى حيث تسكن الكلمات على صفحات السماء، ويلمع وجه النهار، بشموس الذين أضاؤوا الكون، بجباه كاللجين، من الرمش حتى الجبين، آباء وأحفاد، يتلون اسم الوطن بالقلب وتردد الروح الصدى، ويبتسم القدر لوطن أحبه أهله فأحبهم الله.
ارفعوا العلم، فهو السيد والسائد، هو القائد والرائد والرافد، هو الذاهب في الماء أحمر، وفي القلب أبيض، وفي العين أسود وفي النفس أخضر، ارفعوا العلم، وانهلوا من أجنحة معاني النخوة والصبوة، وتحليق الكواسر الشامخات، وتحديق الأواصر في الأتون والمتون، والمزون في عيون الناس النبلاء، والذين أضاؤوا الشعلة، لتبقى قبلة على وجنات النخلات السامقات، والبلل هذا الرضاب العفوي، من شفاه صغار، انشروا في الصباح، نحبك يا وطن، وبك نكبر ومعنا تكبر الأمنيات، وتبيض صفحات التاريخ، ونصير نحن الجملة المفيدة، الاسمية والفعلية، نصير الآن وليس كان، نصير في الزمان والمكان، رمانة الميزان، وابتسامة الصباح، على ثغور الكائنات وزهرات الحلم.. ارفعوا العلم، ونقوا ماء الفكرة، كما قال طاليس الإغريقي «إذا كانت الأشياء جميعاً جاءت من الماء فلننقِّ الماء».