اغتراب الأنا

اغتراب الأنا

اغتراب الأنا

 صوت الإمارات -

اغتراب الأنا

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

أمضينا عقوداً من الزمن ونحن نلعن الشيطان في الجهة الأخرى من عالمنا، وما زلنا نلعن، وننعى ونذرف الدمع مدراراً على الحيف الذي أصابنا جراء توغل هذا الشيطان في عروقنا، وتحت الجلد، وفوق سطح القمر، والذي أطفأ مصابيحه منذ أن غزانا ذلك الشيطان اللعين، وصار يلحس دماءنا، ويعض على جفوننا، حتى صرنا عندما نريد أن نفتح عيوننا لا نرى غير هذا الشيطان المتربص بمصيرنا، والمتأهب لاغتيالنا، والمترقب لأي حركة تبدر منا.
واليوم عندما يبرز من بيننا من يريد أن يزيح الغمامة عن أعيننا، ويطرد الشيطان من عقولنا، وينظف تاريخنا من النفايات، والفضلات، وينقي مياهنا من الشوائب، ويطهر أرضنا من الخطاب المشوش، والمشبوه، نتبرأ من كل فضائله، ونجحد بحسناته، وننبري كجرذان مذعورة، ونطلق صراخاً ونواحاً، ونعلن عصياننا للحقيقة، مختبئين تحت ملاءة تاريخية رثة من زمن عاد وثمود، ونبادر في وصف كل فضل بأعتى الأوصاف وأنكئها، ونتصدر المشهد وكأننا نمارس محاكم التفتيش التي نعتها العالم بالرذيلة، ونعلن عن أنفسنا أننا أصحاب الصكوك والغفران، ومن يريد العفو فليستمع إلى تراتيلنا الوهمية، وينصت إلى تأويلاتنا وخزعبلاتنا، فنحن له ولسنا عليه. 
هكذا تبدو بعض الأنوات التي خسف بها الله تعالى وحولها إلى دمى، تختزل التاريخ في لحظة حماقة وتصف كل من تحرر من الأفق الضيق بما لا يليق. بعض الأشخاص وأنت تتابع زبدهم ورغاءهم وثغاءهم، تشعر وكأنك تتابع صراع الثيران في حلبات البؤس البشري، تشعر وكأنك خطفت من مكانك، ولم تجد نفسك إلا في بيداء جاهلية أولى. هؤلاء الأشخاص لا يعرفون من الحياة إلى كتاب التاريخ القديم والذي فيه مصطلحات ربما تعود إلى زمن قابيل وهابيل، ولم يسعهم الوعي في أن يخرجوا من هذه الشرنقة ليروا العالم كما هو، وليس كما يرونه هم، وهذا الوعي في حد ذاته هو الذي حول الأنا لدى هؤلاء إلى تمثال شمعي نمت على جلده عناكب ونواكب ومصائب وخرائب، ولكنهم لا يزالون قابعين هناك في البيداء الشوهاء، وأي حركة رمش من إنس وليس من جن، ربما تشكل لهم زلزلة، ترتعد لها فرائصهم، وتهتز أبدانهم، وترتجف صدورهم، لأنهم آمنوا بالصدأ كمسحوق لتجميل وجوههم. والله المستعان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اغتراب الأنا اغتراب الأنا



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates