بقلم : علي أبو الريش
في العيد أوطان تنعم بثراء السعادة، وأوطان تضج بهراء التعاسة، فيه أوطان متوائمة منسجمة وأوطان محتقنة متفاقمة.
في العيد، أوطان ترفل بثوب الفخر والاعتزاز وأوطان ترزح تحت ركام الاهتزاز. في العيد أوطان تمايلت أغصان أشجارها طرباً بتغاريد العصافير الفرحانة وأوطان ذبلت أغصانها حزناً على أشعة الشمس النعسانة.
في العيد، أوطان تصافح الناس، بأيد بيضاء من غير سوء وأوطان طفح الجور بأيدي أبنائها، فاندحرت مشتومة، مسقومة، مسمومة، برماد الحرقات والحسرة، في العيد أوطان حباها الله، بنعيم الحب، وأوطان ابتلاها الله بسقيم الكرب. في العيد أوطان تزخرفت بالسندس والإستبرق وأوطان تدثرت بشراشف الموت، وسغب الحرق. في العيد أوطان أحبها الله، فحبب فيها خلقه، وأوطان غضب عليها الله فغاصت في دياجير الحقد والكراهية. في العيد، أوطان فاضت بحارها بزرقة الآمال العريضة وأوطان طفحت بحارها بلوثة الغبن والعتل الزنيم.. في العيد تلونت وجوه الصغار بابتسامات الصباح المشرق وأوطان أتعب وجوه أطفالها الأمل الذي لا يأتي.
في العيد تبللت شفاه نسائها بريق السعادة، وأوطان عجفت شفاه نسائها من شديد الأسى والفقدان، في العيد أوطان تزينت رؤوس رجالها بمعاصم اليوم البهيج، وأوطان تكللت رؤوس رجالها برباط اليوم البؤوس. في العيد أوطان أهدت أبناءها «عيدية» اللقاء الجميل، وأوطان منحت أبناءها كابوس اللقاء الكليل.
في العيد، وفي هذا الوطن الأصيل، لمعت عيون النساء والأطفال، ببريق الكبرياء والكرامة، وغنّت الصحراء النبيلة باسم الإنسان الذي أذهل العالم بعطائه وسخائه وتفانيه من أجل الأرض، وشموخها ورسوخ أوتادها.
في العيد، في هذا الوطن، النوارس فرشت ملاءاتها البيضاء مرفرفة، ريانة جذلانة، وهي تطالع الأفق بأحداق الفخر وأشواق الكائنات الأصيلة.
في العيد، هذا الوطن، يشرع نوافذ التطلع إلى غدٍ أكثر إشراقاً، تواقاً إلى المجد المجيد، وهو يحمل بين طياته إرث الذين أسسوا وبنوا عرش الكبرياء، والذين أثروا العالم بمدهشات الإبداع.