بقلم -علي ابو الريش
مشاعرك، هي قاربك الذي يمضي بك في المحيط، ويصل بك إلى الآخر. مشاعرك هي شجرتك العملاقة، تظلّلك، وتثمر لأجلك، وتتفرع لكي تكون عشاً لطيورك، وفرشاة تنظف فمك، وتنظم بوحك.
مشاعرك، هي موئل ألحانك، وأشجانك، وأفنانك، وعزفك، ورفرفتك. مشاعرك هي وجهك وهي ابتسامتك، وهي خزنك، وكدرك، هي لغتك التي تربطك بالعالم، وهي كتابك المفتوح، أو المغلق، وهي لوحتك البارعة في اللون، أو الباهتة في الطلعة.
مشاعرك هي نسقك، وأفقك، وهي مرفقك، وهي حدقك، وهي قوتك، وضعفك، وهي مرفعك، ومنخفضك وهي عمقك وسطحك، وهي طولك، وعرضك، وهي كوخك، وعرشك، وهي غصنك، وهي غصتك ومشاعرك، هي جزرك ومدك، وهي سجورك، وهي حبورك. مشاعرك، هي عمرك المؤجل، وهي أجلك العامر، وهي سطوتك، وسقوطك، وهي كبوتك، ونهوضك، وهي رخاؤك وهي شقاؤك، هي ثراؤك، وهي انحطاطك، مشاعرك هي بذلك وهي كسلك، وهي قوتك، وهي عجزك، وهي مكانتك، وهي استكانتك، وهي لطفك، وهي شحك، وهي عذبك، وهي مرك، هي نهلك، وهي قحلك، مشاعرك هي رهطك وهي رهافتك، وهي نعيمك، وهي جحيمك، وهي رحيمك، وهي رجيمك.
مشاعرك في العالم نجمة، قد تطفئ وميضها، أو تشعله، مشاعرك قد تكون عربات فارغة لها ضجيج الألعاب النارية، وقد تكون ممتلئة، لها وعود الغيمة السخية.
مشاعرك قد تكون مثل الأشجار، فقد تكون مثمرة، وقد تكون جرداء ناحلة. مشاعرك، قد تكون مثل الأرض، قد تكون معطاءة جزيلة، وقد تكون شحيحة عقيمة.
مشاعرك مثل الطير، فقد تكون جارحة، وقد تكون وديعة أليفة. مشاعرك قد تكون مثل الغابة، فقد تكون موحشة، ومتوحشة، وقد تكون ظليلة، أسيلة.
مشاعرك مثل الأحلام، فقد تكون أضغاث، وكوابيس، وقد تكون زاهية، مزدهرة بأثمار الواقع، وأمل الحياة. مشاعرك مثل جواد سباق، فقد يبهرك بفوزه وقد يخذلك بخساراته.
مشاعرك مثل الطرق، فقد تصدمك بمشاهد مفزعة، وقد تمنحك رؤية الصور المفرحة. مشاعرك مثل الصدف، فقد تسعدك، وقد تتعسك.
مشاعرك ملكك وهي طوع يديك، فأنت المبتدأ، وأنت الخبر في جملتها المعرفية، تستطيع أنت أن تكون في الفرح، أو تكون في الحزن.
يقول طاليس العظيم، إذا كانت الحياة جاءت من الأفكار فلننق الأفكار، وإذا كانت الأشياء جاءت من الماء، فلنصف الماء.
نحن المسؤولين عن حياتنا ونحن المجبولين على رعاية الكون، وهكذا قال الفيلسوف الوجودي، مارتن هايدجر «الإنسان راعي الكون».
فلنصف مشاعرنا من الغبار، ليبقى كوننا من غير ملوثات، ولننق مشاعرنا لنصبح في عالم من دون مقابر جماعية.