بقلم - علي ابو الريش
تخيل أنك تقود قارباً بمجداف واحد، وتريد أن تعبر الضفة إلى ضفة أخرى، ماذا سيحدث؟ بطبيعة الحال سوف يستدير القارب حول نفسه، ولن يتحرك قيد أنملة إلى الأمام. سوف تأتي الموجة، وتأخذه إلى حيث تتجمع الصخور وتلقيه هناك، ويهلك، وتبقى أنت مثل طائر فقد أحد جناحيه.
هكذا هي العلاقة الزوجية، عندما يتخلى أحد الزوجين عن دوره، مجبراً أو طواعية، فإن السفينة الزوجية تغوص في وحل التفكك، وتغيب في الضياع، وتبدأ الغيمة في السواد شيئاً فشيئاً، إلى أن يعتم الوجود، فلا يرى أحد الزوجين الآخر، حتى ولو استخدم النظارة الطبية، أو المجهر في الحالات القصوى، فلن يرى غير السراب. في القديم كانت الزوجة أشبه بالأمة، تستخدم كوعاء لتخفيف الألم والغضب، فإن لم تسطع فإن مصيرها النبذ والتأنيب والتوبيخ. اليوم وبعد أن أشرقت الشمس على الوجوه، وتلألأت النجوم تحت الجفون، أصبح الأمر مختلفاً، ولكنه لم يغير من الحال شيئاً.
المرأة التي تبوأت مشهد الحياة، خلّفت وراءها رجلاً إمعة، يتبع الظل، ويختفي خلف مفاهيم غامضة، باتت تشكل شخصيته، وتبني علاقته بالزوجة، وهو ما نطلق عليه الرجل الدمية. ما يحدث أشبه بانقلاب شاحنة محملة بالنفايات، جعلت من الطريق إلى الحياة مكب قمامة، فتتصادم الوجوه، وتتشابك الأفئدة تحت ركام هائل من الغبار والسعار.
في فوضى المفاهيم لم يصبح للقيم مقام غير أنها ترتدي جلباب العصرنة المنقلبة على نفسها، وتمضي في غابة أضغاث الأحلام مثل أرنب مذعور، يذهب في صحراء الخوف باحثاً عن ملاذ، ولا ملاذ هنا غير العراء، والعراء بطبيعته يأخذك إلى مزيد من الارتباك والريبة والرياء..
المرأة تستحق الحرية، لكنها لا تستحق الذهاب في صحراء العزلة، بلا بوصلة تحدد معنى الحرية، وتحدد مجال الحركة في الأسرة للرجل. التطرف في مختلف حالاته مخيف وهدّام ومدمّر وزائف ومُريب، ولا يمكن أن يخدم للود قضية. قلب الأدوار مثل بناء مبنى سكني تحت الأرض، مثل قصاصة جناحي طائر، بحجة الحفاظ عليه من الهروب، مثل استنساخ مخلوق بشري.
ضجيج ماكينة ضخ الماء لا يعني وجود الماء، علينا تحري الدقة في إلقاء المفاهيم بحيث لا تلغي المعايير.