فيفيه المدينة المشاغبة

فيفيه.. المدينة المشاغبة

فيفيه.. المدينة المشاغبة

 صوت الإمارات -

فيفيه المدينة المشاغبة

بقلم - علي أبو الريش

على بعد ثلاثين كيلومتراً، تقبع المدينة المشاغبة، هناك يوجد العرب بكثافة، وتوجد حشرجة المغتربين، وهم يقفون على ضفاف بحيرة لومون، ويطلقون العنان للنظرات، علها تصل إلى ما لا تصل إليه الأجساد، فعلى الرغم من روعة المكان وأهله، إلا أن الأرواح تظل تخفق إلى أوطان غادرها البعض منهم ظلماً وزوراً، ولم يبق أمامهم إلا الأشواق، وهي ترسل رسائلها، إلى من لهم في الصدور نبض الحنين، والأنين.

والقلوب الملوعة، والمولعة، ترسم صوراً قاتمة، موشاة بخيط رفيع ربما يأتي بما لا يأتي. 

أطفال، وكبار في السن يلهثون على الرصيف الأخضر، ويقطعون المكان بلهفة الضمائر المنتمية إلى الطبيعة.

هذه المدينة تعتبر المدينة الثانية بعد لوزان، يؤمها العالم من كل مكان، وبالذات العرب، ليستشفوا من رقاقة البحر واليابسة، هذا العناق الأزلي، وهذه الرفقة المدثرة بشرشف جداول الماء القادمة من غرابة الجبال الشاهقة، محملة بطعام الطير، المهيأ نزولاً، وارتفاعاً بحثاً عن خشاش الأرض، وما تنبته المياه الجارية من طحالب وعلق، يغري شهوة الطير في الاقتناص والصيد.

تمشي على حافة البحيرة، وتأخذك البرودة إلى مسافات بعيدة، ودون توقف، ترى كسوة الجبال من مخمل العشب القشيب، والأشجار الخضراء، كالأعلام ترفرف، مبتهجة بهذا النعيم الغريزي، وهذا الشدو المتطاير من أماكن مختلفة، وهذه المساحات الشاسعة من العيون، تفيض ببريق الدهشة، والشعور بأن الحياة ليست إلا رحلة، نحن جيادها، فإن أمعنّا النظر في مختلفات الطبيعة من طير وشجر، وبشر، سنجد أننا نهيم في عالم لولا الحروب والأحقاد، لأصبحنا في حديقة غناء، لا تشوبها شائبة، ولا تخيبها خائبة، سنجد أن أمكنة الناس مثل البحيرة وهي تجاور مدينة فيفيه، وسنجد وجوه العالم أجمع مثل وجه امرأة عجوز، اتكأت على عصا بيد، وفي اليد الأخرى، خبأت في كيس صغير، ما تحتاجه لطعام اليوم، والابتسامة الطفولية تكسو محياها العفوي، ومن عينيها شع بريق حب الحياة.

تسير في الطريق الجانبي بخطوات كفروج يتلمس خطواته الأولى، وتنظر إلى العالم بشفافية وقد ارتدت البنطلون الأسود، والقميص الأبيض، ولفت الجسد الرهيف بكنزة صوفية، وأردفت فوقها المعطف الجلدي الرمادي.

هذا مشهد من مشاهد الأحلام الزاهية في مدينة فيفيه، والحلم الأوروبي، يسكب رضابه على كل شفة، وثغر.


المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيفيه المدينة المشاغبة فيفيه المدينة المشاغبة



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"

GMT 03:14 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير علاج عن طريق الفم لكورونا ينتظر الموافقة عليه

GMT 07:35 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف أن الذئاب تستعد لغزو "العالم المتقدم"

GMT 01:10 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

طيران الإمارات تتوقع 5 ملايين مسافر في 18 يومًا

GMT 13:07 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

صابرين تروي قصة فشلها في تأسيس وإدارة المشروعات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates