الحب في زمن كورونا «6»
آخر تحديث 03:46:18 بتوقيت أبوظبي
السبت 8 آذار / مارس 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

الحب في زمن كورونا «6»

الحب في زمن كورونا «6»

 صوت الإمارات -

الحب في زمن كورونا «6»

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

في الصباح الباكر كان يصيخ السمع إلى صوتها الشائخ، كان يبدو صوتها عبر الهاتف، كأنه رنين كائن يختنق في جوف بئر سحيقة. ويتردد صداه في أذنيه موسيقى جنائزية تعبر ضيق القلب، ثم تمر من خلال الدم في جسده، الذي بات عاجزاً عن حمله.
قالت له في مرة: لا تجزع يا بني، إنها فترة عابرة، وسوف تمر، المهم كن يقظاً، ولا تعرض نفسك للمجازفة، وسوف أنتظرك، ولن أموت قبل أن أراك، المهم في الأمر أن يستقر كل منّا في مكانه، وننفذ توصيات الجهات الطبية بحذافيرها، وقد سبق للعالم بأن مرّ بجوائح أكثر خطورة، ونجا الملايين، وانبثقت الحضارة من ثنايا تلك التجارب العصيبة، والإنسان يا بني هو راعي هذا الكون، ويستطيع أن يخرج من بين الدخان، بعلامة بارزة تدل على قوته.
كان الصوت المتهدّج يخرج من حنجرتها مثل حرحرة الأحجار المتدحرجة من علو شاهق، وكان يعلم أن أمه تتحدث بهذه اللغة من باب التحفيز، وقد لمست في محادثاته أنه يمر بفترة عصيّة على التحمّل، وأنه يشعر بتأنيب الضمير كونه لا يستطيع الاقتراب منها لأسباب تخص المرض.
في المساء يتلقى منها مكالمة، تحثّه على الصبر، وتحاول أن تزرع الأمل في قلبه، لأنها تعلم مدى تعلّقه بها، ومقدار الحب الذي يكنّه لها، وقد وقفت الظروف حائلاً دون زيارته لها، ويشعر بالألم عندما يتذكّر الأمسيات التي كانت تجمعه بها مع الأشقاء والشقيقات، وكانت على الرغم من بلوغها الثمانين من العمر، إلا أنها كانت تتمتّع بعافية تجعلها قادرة على القيام بواجبات الضيافة، عندما كان يطل عليها في الإجازة الأسبوعية، وكانت تحتفل بوجوده، وتشعل أضواء البيت، حتى تبدو المصابيح المحيطة بالمنزل، مثل النجوم التي تحتضن قارة تحتفل بمناسبة دينية، وكانت الغرف والأروقة، والصالة الضخمة، تتضمخ برائحة البخور، وفي كل زيارة كان يدهش بتغيير الأواني، وترامس الشاي والقهوة، والفناجين، والكؤوس، وكانت تفخر بحبها للتغيير، ولا تجد ما يمتعها أكثر من عثورها على أجمل أواني الخزف المنقّشة برسومات مبهجة. 
وعندما كانت تجلس أمامه وهي تسكب قهوة الصباح، كانت تأخذ نصيبها من القهوة المقندة برائحة الهيل والزعفران، وعندما يستمع هو إلى صفير شفتيها وهي تسحب الرشفات من فم فنجان القهوة، كان يشعر برفاهية ما يعاصره من زمن جعله يظفر بأم تمتلك شاعرية المبدعين الأصلاء، الذين يقيمون للحياة احتفالية أبدية لا نهاية لبريقها.
في ذلك المساء، في يوم قبل الإجازة الأسبوعية، هاتفها بلغة مترفة بالفرح، وقال طرباً: انتهى الحجر يا أمي، وسوف يكون يوم غد هو يوم احتفالنا بأول لقاء بعد انقطاع دام ثلاثة أشهر.
على الرغم من غياب صوتها، وإحساسه بوهن نبراتها، إلا أنها نفت أن تكون تعاني من أي علّة، ولكنه أصرّ على معرفة أسباب تغيّر صوتها، فأجابت أنها تعاني من نوبة برد خفيفة، وسوف تعالجها كعادتها بالأدوية الشعبية التي تحتفظ بها في البيت، وعلى إثر هذه الكلمات المتفائلة، اختفى توتره خلف الصورة المشرقة للقاء الغد.
ولكن في الغد، في اليوم الذي حطّت به الرحال، في بيت أمه، كان الأمل قد تلاشى، وانتهت الرحلة إلى مكان آخر غير البيت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحب في زمن كورونا «6» الحب في زمن كورونا «6»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - صوت الإمارات
احتفلت الملكة أحلام قبيل ليلة عيد الحب بعيد ميلادها في أجواء من الفخامة التي تعكس عشقها للمجوهرات الفاخرة، باحتفال رومانسي مع زوجها مبارك الهاجري، ولفتت الأنظار كعادتها باطلالاتها اللامعة، التي اتسمت بنفس الطابع الفاخر الذي عودتها عليه، بنكهة تراثية ومحتشمة، دون أن تترك بصمتها المعاصرة، لتتوهج كعادتها بتنسيق استثنائي لم يفشل في حصد الإعجاب، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك دعونا نفتش معا في خزانة المطربة العاشقة للأناقة الملكية أحلام، لنستلهم من إطلالاتها الوقورة ما يناسب الأجواء الرمضانية، تزامنا مع احتفالها بعيد ميلادها الـ57. أحلام تتألق بإطلالة لامعة في عيد ميلادها تباهت الملكة أحلام في سهرة عيد ميلادها التي تسبق عيد الحب باحتفال رومانسي يوحي بالفخامة برفقة زوجها مبارك الهاجري، وظهرت أحلام بأناقتها المعتادة في ذلك ا�...المزيد

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 06:03 2014 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

"شارب" تعتزم إطلاق شاشات هواتف ذكية بتقنية 4K

GMT 20:33 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلامية رابعة الزيات تعود إلى الشاشة بفكرة برنامج جديد

GMT 03:18 2013 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

"طاقة الإماراتية" تشتري من شركة فرنسية 50% في مزرعة رياح

GMT 17:47 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

جالطة سراي التركي يعلن التعاقد مع توران

GMT 23:23 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

انطلاق فضائية "مصر قرآن كريم" بتلاوات نادرة

GMT 14:56 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

سلطان بن خليفة يحضر أفراح البلوشي والحمادي وبيشوه

GMT 12:18 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

أمل كلوني تلفت الأنظار بثوب أبيض حريري

GMT 00:27 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

انكسار "الترمومتر الزئبقي" قد يؤدي إلى الموت

GMT 08:09 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يسعى للاستثمار ببيع اللاعب رافينيا

GMT 03:44 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

نور الشريف

GMT 09:50 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

"منارات زايد" تنشر العلم في مختلف أنحاء العالم

GMT 07:04 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"طيران الإمارات" تزيد عدد رحلاتها إلى أورلاندو

GMT 08:45 2016 الخميس ,03 آذار/ مارس

أجمل ألوان البيج الرائعة لموسم خريف 2016
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates