في زمن العزلة

في زمن العزلة

في زمن العزلة

 صوت الإمارات -

في زمن العزلة

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

يمرون عبر جدول الذاكرة، يعبرون من خلال ثقب أبرة، هي اللحظة التي نتأمل فيها الواقع ونحن نرزح تحت مشاهدات عالم تقضم أجنحته جائحة الشؤم المداهم.
تطفو صورة، ثم أخرى، فثالثة، فرابعة، وأكثر، وها نحن في مقبع التأمل نتلقى نماذج من وجوه تعلو سماتها على الواقع وتتحدى، وتقول ها نحن في الوجود حياة تتألق بالأمل، وها نحن في الحياة نجوم لها بريق الأبدية.
الآن ونحن تحت سطوة الدهشة المؤلمة، تبدو صورهم في عيوننا أكبر، وأنصع، وأروع، وأبدع، لأننا اليوم كلما فندنا ما يحدث نشعر أننا بحاجة إليهم أكثر مما سبق، لأن صور الراحلين ترسخ في أذهاننا مشاعر إنسان ما قبل الثورة الذهنية، يتحرى الخطر من كل حدب وصوب، ويتصور المباغتة كمخلب يتضور هلعاً باتجاه أجسادنا، لذلك نسعى إلى التصور، وتخيل كل ما هو مريع، وفظيع، ونلجأ بخواطرنا إلى من أحببناهم، وعشقنا رائحة الخبز بين أيديهم وشممنا عطر الثوب المدرسي، ونحن نقترب من فوح التاريخ، وبوح الذاكرة.
هذا ما يجعلنا اليوم، نشعر بالشغف، واللهف، وينتابنا إحساس فراخ الطير إلى دفء الأجنحة وتعترينا لوعة الفراق، ونحن نتحرى المسافة ما بين الضلوع وهي تتهاوى كأنها أوتاد خيمة قديمة قدم الدهر.
هذا هو يوم تنبعث الخلايا تحت الجلد لتبحث عن أنفاس الذين منحونا الرئة الواسعة، ووهبونا الصدر مرتعاً، والنحر عبارة وافية، فيها الجملة مكتفية بذاتها، فيها الحنان بحرب لا موج، ولا هودج، البحر هو ذلك الحلم الواهي، الخاوي من أغراض الدنيا، وما شابها من لواعج الجشع الدنيوي.
ربما هذه نفرة مشاعر في لحظة زمنية تبدو مثل سفينة محملة بنفايات، وبقايا تالفة، هذه قفزة في الوجدان، تنخر في رميم الجسد، وتبعثه، حياً يتسرب في الوجود كأنه الفراشة في طور تشكلها، كأنها الفراشة خارجة من الشرنقة.
هناك في العقل الباطن، صوت قديم، بنغمات رهيفة، يتصدر الوعي ويزحف باتجاه الواقع، ويوقظ الناعس في الرأس ويقول، هيا انهض إنه صباحك يتجلى وعياً، ويناديك لعلك تصحو، لعلك لا تغفو في لحظة زمنية أنت فيها الجوهر، وهي خرافتك الأولى هي المماطلة من أجل سرد القصة الأزلية، وهي أنك رغم فاجعة الوباء، فأنك ستظل محباً للحياة، كما أنك ملتصقاً بالآخر كما هي الأزلية في جبلة البشرية، فالموت حطاب، والغابة خالدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في زمن العزلة في زمن العزلة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 08:03 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 09:10 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير البيئة والمياه يكرّم مصمم لعبة "أبحر"

GMT 19:20 2013 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

القبض على أسقف في الفاتيكان بتهمة الاختلاس

GMT 19:06 2013 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

علمى طفلك كيف يتصرف بطريقة جيدة

GMT 19:23 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

مطالبات في بريطانيا بحظر بيع هواتف محمولة بحجم أصبع اليد

GMT 08:44 2015 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الإضاءة المناسبة للتغلب على ضيق المساحات

GMT 08:11 2019 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

أبرز صيحات الحقائب من أسبوع الموضة في ميلانو لخريف 2019

GMT 02:02 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

جزر الكناري تخفض أسعارها للرحلات الشتوية

GMT 02:50 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

الاتّكالُ على أميركا رهانٌ مُقلِق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates