في الليل تصحو الطيور

في الليل تصحو الطيور

في الليل تصحو الطيور

 صوت الإمارات -

في الليل تصحو الطيور

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

ربما لم يحدث هذا في عالم الواقع إلا في حالات استثنائية، وفي مكان ما من هذا العالم السحري الفريد، والمدهش.

في مدننا الكبيرة، وعلى ضفاف بحيرات الفرح وعند نواصي أحلام الناس الزاهية، وفي ثنايا الزمن المبهر في هذه المدن التي باتت تسهر على ضوء المصابيح العملاقة، وبين رموش الأشجار الوارفة، وعند شوارع تخضبت بحناء من لدن خالبات الألباب، سالبات الأفئدة.
هكذا تبدو المدن بفضيلة الحداثة مثل محيطات تغسل زعانف أسماكها بالطمأنينة، وترتب مشاعر الموجة ببياض السريرة، وتمضي في الوجود مبهرة مزدهرة، مثابرة باتجاه آفاق شمعتها من خيوط الشمس، حارسة المنجز ساهرة على ثنيات المكتسب بكل لباقة وأناقة.
هكذا هي مدننا تسرك خيولها، وتفيض بين النجود باخضرار القلوب، ونضج المعرفة، وسعة أوعية الثقافة، من غير حدود، ولا سدود ولا قدود، ولا أقنعة، إنها بالغة مجدها، بوجد لا يكف عن مد الخطوات، واعتلاء المجد، والذهاب بالطموحات إلى قمة بهمة الأفذاذ، وعزيمة الجهابذة، وقدرة الذين لا يعرفون لليأس مكاناً، ولا يفقهون للبؤس منطقة، إنهم هؤلاء الذين يؤسسون في الجغرافيا إمبراطورية الحب، وينسجون قماشته من حرير الشفافية، ويخيطون معطفه من فكرة مجللة بالوفاء لكل حبة من حبات تراب مشت على أعقابها خطوات المؤسس، الباني.
هذه هي مدننا ترفل اليوم بسندس السعادة، واستبرق الفرح، مبنية من طين الانتماء مشيدة من عقيق المهج العاشقة للجمال، وطيب الخصال.
اليوم تبدو القصة بكل تفاصيلها وفصولها، وأصولها، وحقولها، نبعاً من نبوع الشعاب، والهضاب، وخضاب الصحراء النبيلة التي رتلت أنفاس عشاقها، وهذبت المعاني، ورتبت المثل، وجعلت من الإنسان على هذه الأرض، وكأنه الطير يخفق بالحب، ويحلق في الآفاق باحثاً عن غيمة النماء في أحشاء السماء متطوراً نسلاً من خلايا ناعمة ترسم صورة الآتي من حبر الشرايين، وتضع اللوحة التشكيلية على صدر الوجود، أسطورية معرفية، وأيقونة لا تشبهها إلا هي.
هكذا هي مدننا، في الاستثناء دوماً، وفي الفرادة دائماً، الدهشة في كل الأحوال، وهي هكذا تغدقنا مدننا بالفرح، وتشذب أوراقنا، بمبراة هي أجنحة الطير، المتدفق شوق السيرة الصلب والترائب، وما بينهما ماء الشغف، وأبدية الحب.
هذه هي مدننا فراشات، أجنحتها من سحابات، وعطرها نفحة أفكار الأولين، وسجايا الذين نحتوا في التراب أسماء، رصعت نجومها في أديم الأرض، ونقشوا اللون زاهياً على سبورة الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الليل تصحو الطيور في الليل تصحو الطيور



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates