يوم للتضامن

يوم للتضامن

يوم للتضامن

 صوت الإمارات -

يوم للتضامن

بقلم - علي ابو الريش

لو افترضنا أن الأرض تخلت عن تضاريسها، وتحررت من الحدود وأخاديد الجغرافيا، وأصبح العالم بدوله وأيديولوجياته وسياساته وأفكاره ولغاته، منطقة منزوعة الفوارق، ماذا سيحدث؟

بداية سوف ينتهي الحقد، لأنه لن تكون هناك أنا وأنت، بل سنكون نحن، هذه الـ«نحن» سوف تجوب القارات الخمس، وتعلن الصفح عن الماضي، فلن نحاسب الآخر على ما فعلته أفكاره الاستعمارية بعالمنا العربي، ولن يحاسبنا الآخر ما فعلناه في الأندلس، وسوف نتحدث عن المستقبل، وكأن العالم بلا ماض، وكأن التاريخ يبدأ من لحظة إيماننا بالتضامن، وكأن الحياة بدأت من هذه اللحظة المضاءة بالحب، والفائضة بعذوبة الإحساس بأننا جميعاً من حبات هذا التراب الذي ننعم بخيراته وجزيل عطائه.

لو افترضنا أن الإنسانية بلا أعراق ولا طوائف ولا إثنيات ولا أفكار مسبقة، لو افترضنا أن البشر خلقوا للتو، ومن دون تاريخ ولا حروب ولا أطماع ولا دسائس ولا احتقان، لأن الـ«نحن» تجاوزت حدود الأنا الضيقة، وقضت على أمراضها وأدرانها وخداعها ومكائدها وشحناتها العدوانية ودخانها الأسود الكثيف.

لو افترضنا ذلك، فلن يحتاج البشر إلى الحروب كي تطغى فئة على فئة، أو دولة على دولة، لن يحتاج البشر إلى عقد النقص التي تحل بطائفة أو عرق أو لون، لن يحتاج البشر إلى كل هذا الإعلام المراوغ، والذي يحول عقول بعض الناس إلى مكب للنفايات، أو ساحل ملوث ببقع زيتية مميتة. لن يحتاج العالم إلى مغامرات فئوية، ولا مجازفات إثنية، ولا انفجارات عرقية.

لن يحتاج العالم إلى كل هذه الصدامات والمداهمات والمباغتات، والانكسارات والانهيارات، والخيانات والأكاذيب والخداع، لأن الـ«نحن» سوف تقف عقبة كأداء في وجه أي سلوك أناني يحيق بالعالم، وسوف تفشل كل خطوة عدائية، وسوف تفسد كل محاولة لجر البشر إلى التصادم، لأننا في حالة الـ«نحن» نكون في الوجود واحداً، والواحد لا يصارع نفسه ولا يقف ضد نفسه.

وهكذا يفعل التضامن بين البشر، إنه إكسير حياة، ونبع ماء يمنع الجفاف. هكذا يفعل التضامن بين البشر، إنه يزيل التشققات، ويزيح الاحتراقات، ويردع النفور، ويكبح جماح الخيول الجانحة، ويرتب أوراق المشاعر، ويهذب صفحات كتاب الحياة، ويثري الوجدان الإنساني بالمعاني الرفيعة، ويجعل العالم يعيش في رفاهية سلوكية وثراء أخلاقي ورخاء ثقافي، هكذا يفعل التضامن بين الشعوب لو آمنّا به، إنه كالسحر يملأ القلوب طمأنينة وسلاماً ووئاماً وانسجاماً.
المهم في الأمر أن ندرك أننا نعيش على الأرض، كبحارة يشقون عباب البحر على ظهر قارب واحد، ما يصيب أحدهم، يصيب الجميع.

 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم للتضامن يوم للتضامن



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"

GMT 03:14 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير علاج عن طريق الفم لكورونا ينتظر الموافقة عليه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates