قلل من رغباتك

قلل من رغباتك

قلل من رغباتك

 صوت الإمارات -

قلل من رغباتك

علي ابو الريش

قلل من رغباتك، تكن أكثر، تكون أكثر صفاء ونقاء وثراء ورخاء. ما يتعب الإنسان ويرهق كاهله، تطلعاته التي تفوق قدراته ورغباته وتتجاوز طاقاته وأحلامه التي تسكن الفراغ. اليوم في الدول المتقدمة والثرية، تتضاعف حالات الانتحار والانحراف

والضياع، لأن طائرة الطموحات أسرع من عربة الإمكانيات، الأمر الذي يصيب هؤلاء الناس بالإحباط والثبور والانهيار والسقوط في محيط العجز، وفقدان القدرة على مواكبة قوافل الحاجات المتكاثفة والمبهرة والصادمة. هذا لا يعني أن يجلس الإنسان بلا حول ولا قوة، وينتظر السماء كي تمطر ذهباً، وإنما التواؤم بين ما أستطيع، وما هو متاح هو القوس الذي يضع النفس في مأمن من خطر الانزلاق في الحضيض، والإحساس بالأذى جراء النكوص إلى مراحل ما بعد الواقع. فلو كنت موظفاً تتقاضى راتباً معيناً لا يفي إلا بأبسط الحاجات، وفكَّرت بشراء سيارة بما يتجاوز قدراتك المالية، مدفوعاً برغبة الغيرة من فلان الذي يملك هذه السيارة، فسوف تضطر للاستدانة من البنك، ومن هنا تبدأ المتاعب، ويبدأ التفكير في الخلاص من التبعية للبنك، ولكن التفكير وحده لا يحل مشكلة، بل يدخلك في متاهات تضيق بك حتى تصل بك إلى الباب المسدود، وبالتالي تصبح السيارة الفاخرة سبباً لمعاناتك وشقائك وتعاستك، لأنك فكرت أن تكون مثل غيرك، ولم تقتنع بأن تكون أنت، كما أنت، وكما هي قدراتك المالية. تلك القفزة في الفكر، هي التي أودت بك وهي التي أطاحت معنوياتك، وهي التي قادتك إلى مناطق متشعبة وشائكة ومعقدة، وأنت لازلت موظفاً صغيراً لا تقوى على مصارعة الأمواج الاستهلاكية، ولا تملك القدرة على السباحة في بحر هائج مائج تسوطه رياح الاستحواذ بكل ما تستطيع الأنفس.

فكن أقل، تكن أكثر، وتكون فياضاً بحبك إلى نفسك وإلى الآخرين، تكون في غنى عن الخدع البصرية التي يتيحها لك بائع مخادع، يلقيك في الشرك، ثم يتخلى عنك ويدعك في صميم التفكير السوداوي، وفي قعر الهواجس المريضة، فأنت في مجازفاتك هذه مثل الطفل الرضيع، الذي هب ليتناول لعبة في مستوى أعلى من قامته، فاستقام ونهض وصعد على كرسي مخلوع الأضلاع، فوقع وتحطمت عظامه. أنت مثل سفينة خشبية قديمة، أراد صاحبها أن يعبر بها المحيط، كما يفعل أصحاب السفن الحديثة والعملاقة، فغرقت السفينة. وانتهى صاحبها إلى لا شيء. أنت مثل عباس بن فرناس، أنت مثل أي مراهق أحمق يتسلق الجدران من أجل الاستيلاء على ثمار الغير، ولا تدري أن هناك حارساً قنَّاصاً قد يرديك قتيلاً لمجرد رؤيته لك وأنت تمد يدك على شجرة اللوز.

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قلل من رغباتك قلل من رغباتك



GMT 19:41 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أزمات إقليمية جديدة

GMT 19:23 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قيصر روسيا... غمزات من فالداي

GMT 19:19 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المفهوم الايراني للانتخابات... والعراق ولبنان

GMT 19:14 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة مناخية ملهمة للعالم

GMT 23:17 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

ظهورُ الشيوعيّةِ في لبنان

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates