الناس جميعاً أثرياء بالنصائح

الناس جميعاً أثرياء بالنصائح

الناس جميعاً أثرياء بالنصائح

 صوت الإمارات -

الناس جميعاً أثرياء بالنصائح

بقلم - علي ابو الريش

الكل يوعظ الكل، والكل سخي بالنصائح، والكل لا يفتقر النصيحة. لماذا نمعن في النصيحة، وننعم بها، ونجعلها هبة من هبات الضمير؟ عندما تجلس في مكان ما، سواء في مقهى، أومجلس، أو مكان عمل، أو في أي مكان ما، تجد من يتربع الجلسة، ويمسح لحيته، ويقتل شاربه، ويفتح عينيه رافعاً رأسه في السماء وكأنه يعد النجوم، ويفرقع أصابعه، ويلتفت إلى أقرب إنسان يجلس إلى جانبه ويحدق في وجهه، ثم يسأله عن صحته، وإذا ما شاء الآخر أن يشتكي من علة ما، سيجد النصائح تنهال على رأسه كالمطر، ولو ذهب إلى أمهر طبيب فلن يعثر على مثل الأوصاف التي ينعتها الناصح.

وبعد أن ينتهي من النصائح الطبية، يبحث عن مشكلة أخرى، فيسأله عن عمله، وظروفه المحيطة بالعمل. وما إن تبدر من الشخص آهة، وربما تخرج من صدره بعفوية، نجد الناصح يلتقط رأس الخيط ويبدأ في سرد خبراته في هذا المجال أو ذاك، ويحذر، وينبئ، ويشرح، ويفند، ويفصل، ويزبد، ويرعد، ويلوح بيديه، ويشير بأصابعه، وعلى الشخص المعني أن يدير انتباهه، وينصت بإمعان، شديد، ويصغ السمع، ولا يلتفت إلى مكان غير وجه محدثه، حتى لا تفلت كلمة واحدة دون أن يلتقطها، ويضعها قرطاً في أذنيه ولكن لو حاولنا تفسير كل هذا الإلحاح والإصرار، لدى بعض الناس إن لم نقل جميعهم على الإسراف في بث النصائح، والسخاء العرفاني الذي لا مثيل له؟

عندما تجد إنساناً، يكثر من جرعات النصح، فاعلم أن وراء كل نصيحة عقدة دونية مرسومة على الجبين، ويفصح عنها لسان لعين، حتى وإن بدرت هذه النصائح من عالم نفس، متخصص في التحليل النفسي، لأنه ما من زبد إلا ووراءه موجة عارمة، وما من دخان إلا ووراءه نار حامية. الذين يتصدرون المشهد في كل مكان، ويضعون أنفسهم، كحاملي راية الإصلاح، بسبب، أو دون سبب هؤلاء يعانون من ضيق في الأنا، ما يجعلهم يوسعون الحدقة في وجوه الآخرين ليثبتوا أنهم حاضرون، في قلب المشهد، وحاضرون بقوة وبلون ساطع، لا يخفى على أحد. الذين يعانون من الدونية، هم أناس تسكنهم أنا هشة، وعليها الكثير من الزبد، هم بالتصدي لتقديم النصائح، إنما يفعلون ذلك، مثل ما يفعل الممثل المسالم في الواقع ويقوم بأدوار الشر، أو العكس، ولأن الحياة مسرح كبير، فقلب الأدوار، فيها أمر وارد جداً في حياة المرضى، وفي نفوسهم علة ما.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الناس جميعاً أثرياء بالنصائح الناس جميعاً أثرياء بالنصائح



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 10:54 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

غوغل تُتيح فتح الحسابات بـ"بصمة الإصبع" دون كلمة مرور

GMT 05:32 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

الملابس المزينة بالسلاسل الذهبية لإطلالة أنيقة في 2019

GMT 02:55 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح معرض الكويت الدولي الـ39 للكتاب الأربعاء

GMT 21:02 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

وفاة والدة عبد الفتاح الجريني بعد صراعٍ مع المرض

GMT 06:08 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

منصور بن زايد يصدر 4 قرارات مهمة في نادي الجزيرة

GMT 03:05 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

رواية "كاراكاس" رحلة بين الثقافتين المصرية والفنزويلية

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

محكمة الأسرة تشطب دعوى تمكين أحمد الفيشاوي من رؤية ابنته

GMT 23:41 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

"آبل" تحضر لمؤتمر WWDC 2013 بتعليق لافتات عن "iOS 7"

GMT 17:32 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

خالد الجريسي نائبًا لرئيس اتحاد الفروسية

GMT 13:50 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ محمد بن زايد يأمر بتحديـث سياسـات الإسكان

GMT 17:00 2013 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

إطلاق أوبريت "القدس أرض الأنبياء" من بيروت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates