عصفور زلامسي

عصفور زلامسي

عصفور زلامسي

 صوت الإمارات -

عصفور زلامسي

بقلم : علي أبو الريش

 عصفور زلامسي هو غير العصفور الذي ينام بين أغصان السدرة، متوجساً من مباغتة الأيدي غير الناعمة. عصفور زلامسي يطل عليك من طرف أشبه بنجمة صغيرة تسللت من خلف غشاء الغيمة.

هذا العصفور راهب متعدد المواهب، وأولها الألفة مع الناس، يتجول بين الأقدام في تؤدة، وخيلاء، وكبرياء مطمئن النفس قرير الخاطر، ينقر ما تبعثه إليه نخوة الجالسين على مقاعد الاسترخاء، ويرفع راْسه وكأنه يود أن يطرح السؤال الأزلي لدى سكان أي بلد على الضيوف والزائرين، ثم يصدح محيياً، وهو يهز ذيلاً أشبه بمكنسة صغيرة وينتقل بخفة من مكان إلى آخر، حبوراً، مسروراً، ونشيد الأبدية، يبلغ مبلغ العذوبة على لسانه، الخارج من فتحة ضيقة أقرب إلى حدي مقص الشوارب، وأنت ترصد وثبات الرشاقة، وكأنه يرقص على حبل الأرجوحة، ويتناغم مع قرينه بزقزقة، موسيقية توصد أبواب السكون في المكان الهاجع تحت خاصرة الجبل، عند شفة البحيرة النائمة تحت شرشف الغيمة الرهيف، ويجول العصفور على أرض زلامسي، بحرية الكائنات التي لم يقض قضيضها، عابث، ولا وارث كبوتات أزمنة الخوف الأبدية.

هنا يقف الأطفال الذين جاؤوا من أقاصي قارات الرهاب، ويمدونه بتف الرغيف، وهو يرقص طرباً على الهدايا الزهيدة، شاكراً، منعماً بفضيلة الحشود، المتزاحمة، من أجل تعاطي الدروس من كائن لا يزيد حجمه عن راحة اليد لكنه بعبقرية المكان، والزمان، والإنسان، استطاع هذا العصفور أن يأخذ حيزه في هذا الوجود، من دون غثيان، المطاردات، وانتزاع الروح فزعاً، من مداهمة قد تسكنه المثوى الأخير قبل أن يلتقط حبته الأخيرة، وقبل أن يأخذ شهيق اللحظة الأخيرة.

قبل أن يحل الظلام، يبدأ العصفور في مطمطة الجناحين، وكأنه في حالة تسخين بعدها يتلفت يمنة ويسرة، ثم يخبط ساقه الدقيقة، كما هو عود الثقاب، على الأرض ويفرد الجناحين، وينطلق إلى رحاب الله، ويختفي فجأة بين غابة من الأشجار الكثيفة، وفي صباح اليوم التالي، تجد الطائر الصغير يحط رحاله عند النافذة، ويطلق النداء الموسيقي، فقد يكون هو أو عصفوراً آخر، المهم في الأمر فأنت على موعد مع عصافير لا تفزع، ولا تجزع، ولا تفر لمجرد سماع صرير باب الجيران، هذا العصفور كائن مختلف لأنه اعتاد حياة مختلفة، خالية من الأحجار الصغيرة، وأقواس النشاب، هذه العصافير، تعيش في فضاء صاف، من الهرولة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عصفور زلامسي عصفور زلامسي



GMT 14:48 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

المنصوري والنيادي عند شغاف النجوم

GMT 14:46 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كان يراقبهم يكبرون

GMT 14:44 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كل هذا الحب

GMT 14:43 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

رواية عظيمة لا تعرفها

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates