بقلم - علي ابو الريش
عندما لا تكون قدراتك بمستوى أحلامك، فإنها تصبح كالزجاج، تتكسَّر على صخرة الواقع.
الكثير من الناس، يسأمون من تناثر أحلامهم، مثل حبّات مسبحة، انقطع خيطها، عندما يعجزون عن تحقيق هذه الأحلام، ويوجهون أصابع الاتهام إلى الواقع، متذمرين، قانطين، ساخطين، ولا يدرون أن سقوط الأحلام من عَل، إنما يعود إلى عجز الحالمين عن تحقيق ما يرومونه بسبب ضعف قدراتهم، وكسل عربة الطاقة الفردية، عن مواكبة قطار الواقع.
الواقع مثل النهر، لا توقفه صخور العاجزين، إنه يتخذ مجراه حيثما توفرت المسالك والقنوات، ولا حيلة لمن يريد إيقاف الدورة الكونية للنهر، مهما كان ما يبديه من حجج وأعذار، لأنّ الحياة بدأت بالحركة، ولا توقف إلا بتوقف الأرض عن دورتها حول الشمس، والشمس ساطعة، تحدق في الوجود، ولا تطفئ أهدابها الذهبية، والإنسان جزء من هذا الوجود، وإن أراد الحياة، عليه أن يصبح نهراً، وأن تصير إرادته شلالاً، وأن تكون أحلامه كالنجوم تطالع قدراته، وتمضي باتجاهها، كما هي الخطوط المتوازية.
العاجزون، متأففون، وتنهيداتهم مثل نفخ الكير ساعة اللهيب، يكونون مواقد لخرق الفراغ، فإنها مهما امتلأت بالنيران، تظل فارغة، يكونون بأمنيات مثل الزبد، يكونون مثل الصفير في صحراء خاوية، يكونون مثل الغريق في المحيط، العاجزون يحطمون مجاديف مراكبهم، لأنهم يذهبون في قلب الموجة، من دون بوصلة، لأنهم يحلمون بأن يشرب المحيط موجاته ليعبروه. العاجزون يمرون من نفق الأحلام خارجين من كهف قدراتهم، إلى باحة الواقع، فيصطدمون، فيغشي عيونهم النور الساطع، فلا يملكون إلا الإدانة، والتبرم، والانحياز إلى الأفكار الخاوية.
العاجزون يحلمون ويستدعون عباس بن فرناس كي يأخذهم إلى قمة الجبل، فإذا به يهوي بهم إلى الحضيض.
العاجزون، كائنات طفيلية، تحلم بمستنقع، كي تشيد مجدها من بقايا كائنات أخرى نافقة، وعندما تزكمها الرائحة تسد أنوفها، وتصيح: هذا بؤس ما جناه الواقع.
العاجزون أحلامهم قصاصات ورقية، أتلفها عقل في مراحله الدون، لكنها تبدو لهم طائرات من نوع استثنائي، العاجزون عباقرة في صناعة الوهم، أغبياء في إنتاج ما يلائم قدراتهم، وينسجم مع الواقع.