بقلم : علي أبو الريش
في يوم المرأة الإماراتية، يبدو العالم مثل زهرة الربيع، تفتح أكمام العطر، لتشدو الطيور باسم وجود البشر فيه فراشات، رفرفت بأجنحة الفرح، وتاقت نجمة الفجر إلى شروق لم يغشه ضباب الرواسب التاريخية، ولم تغبشه غيمة الأفكار التالفة.
في هذا اليوم، والأيام التي تكون فيها المرأة سيدة المقام الأول، وبيرق الحياة، وبلل الندى، وبريق قطرات المطر على زجاجة الأفئدة.
في هذا اليوم، وفي كل أيام المرأة يبدو الحلم زاهياً مثل مصابيح السماء الليلية، مثل أهداب الشمس، وهي ترسم صورة الإنسان على الأرض من غير ظلال داكنة، من غير حرارة ممحنة، من غير غبار يعتري الدروب، من غير سعار ينتاب القلوب، ومن غير متاهات تضيع فيها الأفكار النيرة، ومن غير شعاب تعرقل الخطوات، ومن غير غثاء يعيق النظرات.
في هذا اليوم تستعيد البشرية أمجاد اللاتي جئن إلى الحياة كي يضئن الغرف المعتمة، ويؤثثن الوجدان الإنساني بأرائك المحبة، ويضمخن ثوب الحياة بعبق التسامح، والتلاقي من غير أفكار مسبقة، ويلون الوجود بابتسامات من نضائد ناصعة، وثغور مشرقة بالود من غير نكد، ولا حبل مسد.
في هذا اليوم وفي كل أيام المرأة تشرق الشمس على الوجوه، وكأنها حبة كرز مغسولة برضاب الحنين إلى حضارة بشرية لم يلحقها تلف، ولم يعكرها كلف، ولم يحِقْ بها لهف، حضارة حلم بها روسو، واسبينوزا، وكل عظماء التاريخ، الذين تواروا عن الوجود، ولكن بقيت أفكارهم تضيء سماء العالم بامتياز، لأنهم أحبوا المرأة كما هي من دون مساحيق تجميل، كما أحبوا الحضارة من دون ثورات عدمية، فارغة من المعنى، والمضمون، هذه البهجة بمناسبة يوم المرأة، تشبه إلى حد كبير بهجتنا ببلادنا التي أعطت الدليل القاطع على الاهتمام بالمرأة، والعناية بشأنها، عرفاناً لدورها الريادي في تأثيث المكان بما يحتاجه من تنمية، ورقي وازدهار، وإزهار، وإبهار جعل العالم يحتفي بِنَا كما تحتفي النحلة بتمام خليتها ونضوجها، بلادنا التي أجلت المرأة وقدرت مكانتها، وإمكانياتها، وما قامت به من سقاية للجذور، ورعاية للبذور، حتى أصبح اليوم لدينا جيل من الشباب الذين نفتخر بهم، ونعتز بإبداعاتهم، في مختلف المجالات، كل ذلك يعود في الأساس إلى النجيبات من نساء هذا الوطن، والنبيلات اللاتي سهرن، لأجل أن يصحو الشباب مبكراً لاستقبال الغد بروح عالية، ونفس مطمئنة.