الخوض في التفاصيل

الخوض في التفاصيل

الخوض في التفاصيل

 صوت الإمارات -

الخوض في التفاصيل

بقلم _علي أبو الريش

من سمات التفكير في الأشياء الصغيرة، أنها من فيض العصاب القهري، ووساوس الأنا المنقبضة. عندما نكون في حياض التفاصيل، نكون غارقين في اللا معنى، نكون متسربين في الشعاب، مثل مياه الأمطار الفائضة، نذهب إلى اللا شيء، فتموت الجذور المتطلعة إلى قطرة ماء.

عندما نستغرق الزمن في النقاط الداكنة، ونمتلئ بالحشو، ونطفح بالبثور الشيئية، نصبح مثل الأطفال الذين يهيمون وسط الصور الخيالية، التي تذهب بهم إلى الوهم، وتخرجهم من الحقيقة. كل المصابين بالإنحرافات العقلية، هم في الأساس كائنات خرجت من ثغور التفاصيل الصغيرة، هم نبتوا في الحياة، مثل خنفساء الروث، تبحث عن رائحة الأشياء النتنة.

عندما نكون أمام قضية كبيرة، تشغل بال العالم، ونحن نتتبع التفاصيل، ونخوض في الأجزاء الأصغر من عين النملة، نكون قد اختزلنا زمن الإنسانية إلى جزر نائية، وحصى مبعثر على أرض رملية، نكون كمن يبحث عن خاتم الخنصر في كومة رمال برأس إبرة. لو حدث خلاف بين زوجين، وظل كل منهما يغوص في أعماق الزلات والهنات والهفوات، فلن يستطيعا الوصول إلى مرفأ المشكلة التي يقع عليها لُب الخلاف، ويكونان في هذه الحالة كمن يفكر في تنقية البحر من الفقاعات التي يتركها صراع الأسماك في الأعماق.
 
يكونان في هذه الحالة، يجريان عملية جراحية في الكبد، لمريض يعاني من داء القلب.

الذي يمعن النظر في عين المرأة، وأنفها وثغرها وأناملها وشعرها، وكل جزء من كيانها الجسدي سوف يصطدم بالتفاصيل، ويصدر حكماً يتنافى مع القيم الجمالية للمرأة، وسوف يصل إلى قرار، أنه لا يوجد جمال في الكون، وأن كل ما يتحدث عنه الشعراء وفقهاء الجمال في العالم، ما هو إلا قول افتراء، وهراء، وأغواء، وأهواء.

هذه هي طريق التفاصيل، إنها مكلفة، ومتلفة، ومسفة، ومستخفة بقوانين الطبيعة، لأنها تدفع بالتي هي أسوأ، عندما تغوص بالأقدام في رمال صحراوية كثة. هذه هي شيمة التفاصيل عندما تستولي على إرادة الناس، فتكون هي قوس النشاب الذي يحطم الأغصان، ولا يقنص الفرائس. هذه هي طبيعة التفاصيل، هي مجرد حصى في الطريق، يعرقل ولا يحل، ينكب ولا يكسب، عصيب ولا يصيب، غير مقتل من يفكر في إجلاء الغبار عن منكبه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخوض في التفاصيل الخوض في التفاصيل



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 18:45 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 11:33 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 16:51 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

اضيفي اجواءًا جريئة ومشرقة على جدران المنزل

GMT 20:37 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

مطعم ياباني يقدم وجبات لحوم البشر بـ 20 ألف جنيه

GMT 17:53 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

ندوة لمناقشة رواية "منتصر" في مكتبة "البلد"

GMT 04:12 2020 السبت ,09 أيار / مايو

برشلونة يقترب من حسم صفقة نجم يوفنتوس

GMT 11:39 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كيت ميدلتون توضح تفاصيل اللقاء الأول مع الأمير وليام

GMT 04:07 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

انتقادات قوية لرئيس بريشيا الإيطالي بسبب بالوتيلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates