الثقافة بنية الحياة

الثقافة بنية الحياة

الثقافة بنية الحياة

 صوت الإمارات -

الثقافة بنية الحياة

بقلم : علي أبو الريش

 في حاضر الزمن، تبرز في المشهد الإنساني ظاهرة هي أشبه بالحشرة الحمراء التي تتلف النخيل وتبيد ثمارها، هذه الظاهرة هي مقتل العقل، وهي الحبل الذي يسحبه إلى مشنقة العدمية، وينتج عنه بشر خاوون، ذاهبون إلى الحياة مثل الأواني الفارغة، تسمع ضجيجها ولا تجد فيها محتوى.

اليوم أصبح هناك عداء سافر لشيء اسمه الكتاب، الشباب يرون في الكتاب موضة قديمة، ولا بد من التخلص منها، والعكوف على آلة التخدير السحرية والمسماة بألعاب البلايستيشن، وهي ليس أكثر من لعبة الغرف المغلقة، والتي تحتاج إلى ذكاء وهمي يدفع بالعقل إلى التخلي عن العقل، والدخول في مقامرة خيالية مريبة، تكبل الطفل أو الشاب بأصفاد وأغلال، تجعله مستعبداً لدى هذه القوة السحرية، ولا تمنحه قدرة التفكير والاستدلال والاستنباط والأخذ بالبراهين، بل هي ضمن الحقائب المعدة سلفاً، وتحمل في جعبتها الإجابات الجاهزة، وفي عمق تلك الغرف المغلقة، يقع هؤلاء الأبناء فريسة أعمال شيطانية خبيثة ومغرضة، والهدف منها تفريغ العقل من محتواه وتحويله إلى وعاء مليء بالقاذورات والحثالات ونفايات ما تقذفه آلة تصنيع الدمى والكائنات الخرافية.

نحن أمام اختبار، فإما نكون أو لا نكون، ولكي نكون لا بد وأن نغادر مرحلة تهميش الكتاب، ولا بد أن يكون لنا عود حميد مع خير جليس، وألا نكابر ونغرق في البحر الذي غرق فيه فرعون وقومه، فمن دون الكتاب لا يوجد تطور ولا حياة إنسانية سليمة، ومعافاة من درن الخواء الفكري وشعث الجفاف الثقافي، فالذين صنعوا الأوطان العظيمة لم يكونوا يلعبون البلايستيشن، بل عكفوا على أمهات الكتب، وبحثوا ونقلوا ودرسوا ورفعوا أشرعة الأسئلة، ودخلوا في حوار مع الذات، واستجابوا لرغبة الضمير، واستلهموا من تجارب الآخرين أفكاراً جديدة، وتعلَّموا كيف يروون الذاكرة من خلال احترامهم للكتاب وجعله خير جليس، وفي نهاية المطاف الثقافة هي مسألة سيادية تهم الأوطان، ومن يضعون سياقها الفكري هم أناس مرتبطون بالواقع، ولديهم ما يقدمونه للثقافة، وليست القضية قضية قفزات أرنبية، لا جدوى منها سوى التحايل على الواقع..
نحن بحاجة إلى الكتاب كحاجتنا إلى تصفية الماء من الشوائب.

تدريب الأطفال على الاقتراب من الكتاب، وثم لمسه، ثم احتضانه، هو تدريب على احتضان الحياة، والإحساس بدفئها، والعيش بصفاء، كما هي الغافة في بطن الصحراء، تترعرع وهي تقرأ في عيون الطير، كيف هي الحياة جميلة عندما تبلل الأجنحة بقطرات المطر، إنها الحروف الأولى التي تأخذنا إلى بديهيات وعينا بذاتنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثقافة بنية الحياة الثقافة بنية الحياة



GMT 14:48 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

المنصوري والنيادي عند شغاف النجوم

GMT 14:46 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كان يراقبهم يكبرون

GMT 14:44 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

كل هذا الحب

GMT 14:43 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

رواية عظيمة لا تعرفها

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates