بقلم : علي ابو الريش
للابتسامة لمعة النجمة، وبريق عين الطير، ومنمنمات لوحة زاخرة بأحلام الغزلان.
للابتسامة وهج الصباح الماطر، ورقصة الندى على أكتاف الأوراق الخضراء، وعزف الموجة عند ثغور السواحل، وجزل اللغة في قواميس الأبدية.
عندما تصادف شخصاً يتشقشق الفجر على شفتيه، تشعر أن فلسفة المشاعر اليومية تسفر عن اكتشاف مبهر لعالم يتخلق من جديد، ويشيح عن نذالة كل الحروب العبثية، وما خربه الإنسان في بستان الحياة.
عندما تستدعيك امرأة لوليمة ابتسامة شفيفة، تشعر أن العالم تخلى عن أنانيته وغادر منطقة البؤس ورفل بالسندس والإستبرق، واحتفل بيوم جديد موشوم بصورة تتجلى كأنها الحلم الزاهي.
عندما تسير في الشارع وترى طفلاً يستعد ليوم دراسي جديد يتأبط ابتسامة ملونة بالتفاؤل تسقط من ذاكرتك كل الهزائم العربية وكل الانهيارات الأرضية التي عمت مشاعرنا، واجتاحت عقولنا، وأطاحت بأمنياتنا وطوت أفراحنا بسجادات ملأى بالغبار ونفايات التاريخ.
عندما يبتسم لك طفل في الشارع تعلم أن العالم بخير، وأن مستقبل الكرة الأرضية مفعم بنجاحات أعظم من خداع الأسلحة النووية، والأسلحة الفتاكة، والأجندات الوهمية.
عندما تخرج من بيتك وترى إنساناً يوقف محرك سيارته بجوار مكب للقمامة ويرمي بقايا طعامه في تلك المزبلة المخصصة لذلك، تشعر أن العالم بدا ينظف ساحته من الفضلات، وينقي جعبته من الأوساخ التي لحقت به خلال قرون الكذب، والافتراء على الواقع.
عندما تشاهد سائق تاكسي يفسح لك الطريق قبل أن يعرج إلى مدخل مفاجئ، تعلم أن الأخلاق الحميدة لا زالت حية وتنبض بالحيوية.
عندما يصادفك شاب في ريعان العمر، ويلقي عليك السلام بلغة أشف من الماء الرقراق توقن أن صفحات الحياة لم تزل تزخر بالقيم النبيلة، وأن ما يشاع عن تشقق قماشة أحلامنا، هو مجرد فقاعة لا غير.
عندما يسمو الموظف البسيط عن القيل والقال، ويترفع عن بث النميمة ضد زميل له أو مدير في العمل، يتأكد لك أن المؤسسات والدوائر والشركات، تسير على ما يرام وأن الإنجازات التي تتمناها سوف يتم تحقيقها بكل صرامة وحزم ولن يضيرنا ما يحدث في العالم من ترهل ونكب.
عندما تجد المدير في العمل لا ينسب النجاح إلى نفسه، بل يشيد بجهود العاملين معه، بحكم أنهم هم اليد التي ترفع الشأن وتمنع الوهن، من هنا تتفاءل بأن الأنانية قد انحسر زبدها واختفت أذيالها الطويلة.
عندما لا يبقى في الشارع من يسعد في إزعاج الآخرين يصبح الشارع أمامك مثل النهر والمركبات قوارب تحمل في أحشائها نفوساً مطمئنة لا تخشى الحوادث المرعبة.
عندما ينسجم التدين مع الدين تصبح الحياة مسجداً عملاقاً الجميع فيه خاشعون للواحد الأحد وتصبح الابتسامة علامة على الصدق.