للجحود ذنب وللجميل بمنة ذنوب

للجحود ذنب.. وللجميل بمنة ذنوب

للجحود ذنب.. وللجميل بمنة ذنوب

 صوت الإمارات -

للجحود ذنب وللجميل بمنة ذنوب

بقلم - علي ابو الريش

الجاحد إنسان ناكر للجميل، إنه مثل الأرض السبخة، مهما أسقيتها فلا ينمو فيها عشب، ولا يرتفع فيها شجر، إنها كالإسفنجة تمتص الماء، ولا يبدو أنها مبللة.

الجاحد إنسان يأخذ ولا يقتنع بما يأخذ، إنه كالبطحاء يذهب ماؤها سدى، ولا يملأها ماء الأنهار والبحار، وكلما ساح ماؤها، قالت هل من مزيد.

الإنسان الجاحد كائن هلوع لا يشبع ولا يرتوي، إنه كالنار تأكل حطبها، ولا تترك غير الرماد، الإنسان الجاحد يمر على الحياة، مر الفيضان يسحق كل ما يعترض طريقه، ويبيد ولا يحيد عن إغراق ما يقف في طريقه.

الإنسان الجاحد، لا يقتنع بما أخذ، وإنما يأخذ ليمتنع عن القناعة، إنه يأخذ ليعاقب من يعطيه، ويقول ها أنا أخذت ما لديك، ويظل يأخذ ويأخذ، إنه كالبحر، مهما امتلأ بماء الأنهار، يظل محتفظاً بملحه، يظل جاحداً بما تقدمه الغيمة.

الإنسان الجاحد، إنسان حاقد، الجميل يزيده قبحاً، والحسنات تضاعف من سيئاته، وكلما شبع جاع، وكلما أتخم ازداد خواء، وكلما امتلأ فرغت جعبته، وكلما اكتسب الصنيع الجميل، اكتسى بضمور الضمير، وكلما ازداد ثراء، ذبلت أوراق قناعته، وكلما أحسنت إليه، أساء إليك لأنه لا يأخذ لسد حاجة، وإنما يأخذ لنفخ «الأنا»، وتضخيمها وتفخيمها وتوريمها وتعظيمها، يأخذ لأنه ينمي قناعاته على الأخذ من دون توقف أو تعفف، هو يفعل ذلك لأنه وصل إلى قناعة، أنه يصبح بلا أنا، ويصير في الوجود مثل حشرة تائهة مثل مستنقع، لا يختزن غير البقايا والنفايات.

الإنسان الجاحد، هو كائن أناني في الأساس، وهو إنسان خاو في داخله من المعنى، هو مثل الطبل، رنينه ينبعث من تجويفه، وكلما اتسع فراغه تضخّم صوته.
الجاحد إنسان منعزل، علاقته بالآخر مرهونة بما يأخذه، وكلما أخذ ازداد رغبة في الأخذ.

الجاحد إنسان نرجسي إلى حد الثمالة، ولكن لـ «الجميل المشفوع بمنة ذنوب»، لأنه أشد من الجاحد جحوداً، عندما يتبع ما أعطى بكسر خاطر أو تبديد مشاعر.
الجميل بمنة مثل المطر الغزير، إنه يسقي فيغرق، فيهلك ويبيد، ويحيل الزرع والضرع إلى أشلاء مبعثرة، وأحياء متعثرة، وحياة أشبه بما بعد الطوفان. 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للجحود ذنب وللجميل بمنة ذنوب للجحود ذنب وللجميل بمنة ذنوب



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 10:54 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

غوغل تُتيح فتح الحسابات بـ"بصمة الإصبع" دون كلمة مرور

GMT 05:32 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

الملابس المزينة بالسلاسل الذهبية لإطلالة أنيقة في 2019

GMT 02:55 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح معرض الكويت الدولي الـ39 للكتاب الأربعاء

GMT 21:02 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

وفاة والدة عبد الفتاح الجريني بعد صراعٍ مع المرض

GMT 06:08 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

منصور بن زايد يصدر 4 قرارات مهمة في نادي الجزيرة

GMT 03:05 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

رواية "كاراكاس" رحلة بين الثقافتين المصرية والفنزويلية

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

محكمة الأسرة تشطب دعوى تمكين أحمد الفيشاوي من رؤية ابنته

GMT 23:41 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

"آبل" تحضر لمؤتمر WWDC 2013 بتعليق لافتات عن "iOS 7"

GMT 17:32 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

خالد الجريسي نائبًا لرئيس اتحاد الفروسية

GMT 13:50 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ محمد بن زايد يأمر بتحديـث سياسـات الإسكان

GMT 17:00 2013 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

إطلاق أوبريت "القدس أرض الأنبياء" من بيروت

GMT 21:06 2017 الجمعة ,21 تموز / يوليو

كريم أكروف يقدم تشكيلة من الأزياء الجزائرية

GMT 20:06 2013 الإثنين ,26 آب / أغسطس

صدور كتاب "حكايات عابر سبيل" عن دار المصري

GMT 22:18 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

ظاهرة فلكية غريبة ترصد لأول مرة على كوكب المريخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates