بقلم :علي أبو الريش
بأفئدة شغوفة لهوفة، لكوفة، عطوفة، تأتيك الحنايا ضارعة والنفس مشتاقة لذاك النسق، فأنت أنت الهوى وأنت الجوى وأنت الطارق المتألق، أنت الحدق، والرمق، أنت في أيام الناس، تشدو والقلوب، طروبة، بك تحيا الحياة وينشق الفجر عن مدد، وأنت المدى والمد، وأن الساهر على عصمة التائقين إلى الشهد.
رمضان أنت في الأيام زائر وفي عيون العشاق سماء، نجمتها في الليل ضوء وفي النهار رجع إلى الأبد.. رمضان منك اليوم مزدهر، ما بين خافق بالحلم، ومزدهر، فأنت.. أنت الخافق والطارق والسابق واللاحق، والشاهق والسامق، أنت المتجلي في الروح وأنت السامي، رمضان تأتي ورفاق غابوا ورفاق سهروا في البعد بلا طلل.. رمضان هذا الشهر ترقبه نفوس ما غاب عنها النور ولا النجم، لأنك في الضوء ترنو إلى سرمد، وفي الليلة الدمساء يحلو لك، التهليل والنسك..رمضان لك الحلم، لك الشهامات والدفن، لك وعد الناس وعهدهم بأنك القامة الصهباء والشهباء.. وأنك القيم وشامة الدهر عالية على جبين من أحبوا وعشقوا وصار الدهر تواقاً إلى صبا وشيخوخة، وما بينهما ذاكرة الصوم وأنفاس الجليل المعتصم.
رمضان، خلتك في الصبا ساحتي، وفي الشيخوخة تهديني بقايا عمري وتحتفي لأنك في الزمان أمان، وفي أيامنا نهر، ولأنك في ثنايا الروح رقراق، أنهله ما بين الشفاة عذب، لأنك الصخب والخصب، والصاحب النبيل والحدب.. رمضان فيك وفيك هفهفة العشب ورفرفة الأجنحة وطرق الأطراف والسهب.
رمضان من غزل حرير النفس من مخملها أدفئ أيامي وقلقي وأمضي نشواناً بعزلتي ما بين يديك، فأنت الطفق وأنت المرايا لامعة، عندما أكون في أجمل الأوقات متوثب أرسم ما شجى في الروح، وما جاشت به نفس، وأسكب من قناني الصوم ريقاً تبدي كأنه الشهد، وأحني الرأس متضرعاً لذاك الذي في السماء نجم، وأنت أنت تقرضني من مزايا الزمان شيماً وقيماً، وتهديني الحياة بلا سقم.
رمضان يا سحر أيامي، ويا ولعي، لذاك الذي في الكون مكتمل، والكمال له وفي غضون الوقت أرنو إلى وجهي فلا أجدك إلا، مبتسماً، شارقاً، متألقاً، والبوح لي، والصدى رجع من الشهب.. رمضان في الزمان رقة وحلاوة الأشواق حين تدلف.