الحب في زمن كورونا «4»

الحب في زمن كورونا «4»

الحب في زمن كورونا «4»

 صوت الإمارات -

الحب في زمن كورونا «4»

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

مدّ البصر فالتمعت له عينا طفلته الصغيرة، مثل لؤلؤتين في قاع سحيق، وعندما كحّت الصغيرة ارتجف قلبه، وارتعدت فرائصه، وكانت زوجته تلبد بجوار سرير طفلتها كقطة واهنة، ولما استعجل زوجته بأن يصطحب الطفلة إلى المستشفى، راغت رغبته بجفول قائلة: لا تتعجل الأمر، إنها تعاني من لحمية الأنف منذ زمن، وهذا ما يسبب لها الاحتقان، والأذى في الصدر.
انتابه شعور بتأنيب الضمير، وساوره الخوف، وأمسك بفنجان القهوة، الذي صار يقلبه كقارئ البخت، وعيناه منصوبتان نحو وجه الطفلة التي ذبلت، وأطلّت عليه بنظرات عتب اختفت خلف بريق طفولي، انسل إلى قلبه، كأنه وميض البرق، في ليلة شتوية عاصفة، قالت له الزوجة: «منذ زمن»، وتساءل في نفسه: منذ متى بالتحديد، وكيف كانت الصغيرة تصرخ في الليل من ضيق التنفس؟ ويسكتها بزجر، ونهر، ثم يغادر سريره عندما لا يكف شخيرها عن الهذيان، وينام قرير العين هانئاً في مكان ما من المنزل، على أريكة منزوية خلف جدار هامد، مثل بحر انحسر عن سواحله.
فكّر في الأمر ملياً في اليوم التالي، عندما تلقى مكالمة من صديق، يدعوه لسهرة باذخة، وراح يقلب الأمور، ويتقلب على خاصرة الأريكة التي أسند ظهره عليها، وأدار مفتاح التلفاز لعلّه ينشغل بمشهد تلفزيوني، وينسى الإغراءات التي بثها الصديق كطعم يستدرجه به، وينأى به عن عيني صغيرته.
حاول أن يحيد الضمير، لكي يلقي سلاح التأنيب، ويتخلى عن توبيخه، ولكن عينا الصغيرة كانت تلاحقه، وتسلّط عليه أضواء مشعّة، إلى درجة أنه ضجر، وصار يتمتم بصوت خافت لم تفهم الزوجة ما كان يرمي إليه، وعندما فكّرت الاستدلال على معنى ما ذهبت به تمتماته، اعتدل في جلسته، ونظر إلى الزوجة بعينين شاخصتين، وأناخت الزوجة بعير أسئلتها، واكتفت بالصمت، كما كانت تلوذ إليه في أيامه الخوالي.
اكتظ الرجل بمشاعر الإقدام، والإحجام، وما بينهما صار يلعق ريقه الناشف، ويسدّد نظراته الحانقة نحو الزوجة، والتي انبرت تؤيد رغبته في مغادرة البيت، مفضّلة ذلك على بقائه كالمحكوم عليه بالإعدام.
جالت في خاطره أفكار وصور، ومشاهد مزرية، وأحس أن العالم يهوي إلى حفرة سوداء، بينما التأم شأن الزوجة على قناعة أنه ما من عادة تكسر، إلا بإرادة صلبة، وعزيمة قوية.
عندما أقدمت الطفلة نحوه، تخفق بمشاعر الحب، ورمت جسدها الضئيل في حضنه، شعر الرجل بأنفاسها تتدفق من فمها الصغير، مثل نسيم ينساب من بين خميلة مترفة بالعفوية، اشتد وجيب قلبه، واستيقظت نوازع قديمة، كانت تدق أطراف القلب، ويتمنى أن تنجب له الزوجة فلذة تضيء له غرفة قلبه بلؤلؤتين، كهاتين اللتين تتوسطان وجه هذه الصغيرة، بعدها قرر ألا يفارق سريره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحب في زمن كورونا «4» الحب في زمن كورونا «4»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates