الصبح يغسل وجه العشب

الصبح يغسل وجه العشب

الصبح يغسل وجه العشب

 صوت الإمارات -

الصبح يغسل وجه العشب

بقلم _علي أبو الريش

مررت على الغافة، كانت غافية بين الغيمة والماء. وكان الصبح يغسل وجه العشب من أهداب مرت عبر حصير الغيم. وصمت يهطل مثل سحابات الصبح، يخيم بين الغافة والنخلة، ويرتب صوت الطير بأناة، ويهذب وعي الكون، وأنا بين الصمت وتغاريد الطير، تسكنني الفكرة، وشيء من صور، وشيء من أخبار تأتيني عبر مسامات الدهر، وتأتيني الكلمات محملة بالأشواق، مزملة بأحداق امرأة كانت تسقي عشب القلب بدموع، وبريق اللؤلؤتين، كانت تقرأ في عيني الأشواق، وتغض الطرف، وتمضي بلا توق يحيي في القلب سنابل عشب جفت مُذ أن نكص الحلم إلى أيام، ما عادت تحفل بالأشواق، ولا عاد القلب يرف بأجنحة الفرح.

لم تزل الغافة غافية، تتلو قرآن الفجر، وتبث العطر رياحيناً، وتبث الأشواق، والطير الخافق في الآفاق، يدوزن ألحانه، ويرفع للكون نشيد الأحداق.

والغافة غاية، والسر بأن الغافة لا تصحو ألا عند شروق الشمس، وعند بزوغ الأشواق في مهج الطير، وعند نضوب الماء من أعماق الأرض، وعند سطوع الحب في قلب امرأة، يهواها القلب.

فيا ليل الغافة متى الصبح، ومتى تصحو الغافة، كي تنفتح نوافذ قلب امرأة، ويحنو الحب وتصحو الأيام، وتصحو الأحلام، ويصحو البحر، كي يغسلنا من درن الصمت، يطهرنا من شجن الكبت، ويملأنا حلماً أزهى من لون الورد، وأبهى من وجه النجمة وأصفى من ذاكرة الغافة، أعذب من قطرات الغيمة.

عبرت والفكرة ما زالت تعبر بحراً في ذاكرتي، وما زالت تخفق أجنحة، فوق الكلمات، وما زالت تتلو على وجهي خيوط العمر، وتتلو آيات البوح، وأشياء قد مرت، حفرت في الوجه أخاديد، حفرت حرفين من حاء، وباء، وما زالت تحفر في الوجه حروفاً، وظروفاً، وتحفر أنساقاً من زمن الصمت، وتحفر آثاراً من جرح الأيام، وتحفر في مهج الأحلام، هزائم صب ما زالت بعض معاركه تجدل أحزان الأيام، وما زالت في عينيه أحاديث الفقدان، وما زالت في الأحداق تخبء تلك الأيام جنون الفطرة، وعطر العفوية، وما دارت في خلد الغافة من أشجان الوجد، ووجود التحنان.

ومررت بلا جدوى، والحيف يلاحقني، والفقدان يسوم الغافة، ضيماً، وأنا في عمر الأيام، قصاصة ورق، تاهت في صبوة ريح، أو غفلة وعي، أو ثورة بركان، سجرت بحر الشوق، فانشق البحر، وعصت فرعون طواغيت الأيام.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصبح يغسل وجه العشب الصبح يغسل وجه العشب



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 18:45 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 11:33 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 16:51 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

اضيفي اجواءًا جريئة ومشرقة على جدران المنزل

GMT 20:37 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

مطعم ياباني يقدم وجبات لحوم البشر بـ 20 ألف جنيه

GMT 17:53 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

ندوة لمناقشة رواية "منتصر" في مكتبة "البلد"

GMT 04:12 2020 السبت ,09 أيار / مايو

برشلونة يقترب من حسم صفقة نجم يوفنتوس

GMT 11:39 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كيت ميدلتون توضح تفاصيل اللقاء الأول مع الأمير وليام

GMT 04:07 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

انتقادات قوية لرئيس بريشيا الإيطالي بسبب بالوتيلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates