للعواطف مخالب تزيح التفكير

للعواطف مخالب تزيح التفكير

للعواطف مخالب تزيح التفكير

 صوت الإمارات -

للعواطف مخالب تزيح التفكير

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

العواطف رياح والتفكير سفينة، عندما تشتد رياح العواطف، فلابد من انحراف سفينة التفكير وجنوحها باتجاه الصخور، ثم تحطمها.
الإنسانية المعذبة، تواجه قصفاً، ونسفاً، وتعسفاً من اشتداد رياح العواطف، والتي غالباً ماحطّمت أسساً، ودمّرت ثوابت، وكسرت أغصاناً، وأطاحت بقيم، وأردت شيماً، وأودت بكرامة. اليوم والعالم يشيح وجوماً تجاه المبادئ، ويذهب بعيداً في نجواه، وشكواه، ويمارس عنفاً مريعاً بحق نفسه والآخر، بسبب هذه العواطف التي بنيت على أنقاض أوهام، وصور مدلهمة، وخيال جم، جعل الوهم حقيقة، والحقيقة خيمة، تعيث بها الأغراض الشخصية، والطموحات الأنانية، والرغبات الذاتية، وتجعل من الإنسان أشبه بموجة تتكسّر على شاطئ يغرورق بدموع الفشل، والضياع، والشتات، والانحلال الأخلاقي، والذوبان في مواقد الحماقة، والعصبية الذاتية، أو الحزبية، أو الطائفية، أو العرقية، أو اللونية. لا توجد حقيقة دامغة تدعو لمثل هذه الفوارق، ولكن العواطف هي التي تزرع هذه الأشواك في طريق البشرية، وتجعلها فريسة تحت السطوة والغطرسة العاطفية.
عندما نتأمل المشهد الإنساني، وما يحدث في المجتمعات والدول، نرى بأن هناك قوة خفية، تكمن خلف كل دمار وخراب يعم العالم، وهذه القوة هي مدموغة بخاتم العاطفيين، والذين تصل بهم الحالة في كثير من الأحيان الاعتقاد بأنهم الأوصياء، وأنهم يملكون ناصية الحقيقة، ومن يقف في الجهة الأخرى فهو كائن بغيض، وعدو لا يمكن السكوت عنه، وعليه يتوجب القضاء عليه وتدميره، ليصبح المشهد عاطفياً بامتياز، يغطي كل أوجه الحياة لأولئك العاطفيين، الذين أعمتهم العاطفة عن رؤية الحقيقة كما هي، لتراها أعينهم المغبّشة كما تهواها أنفسهم، وتسير على منوالها كل جوارحهم.
حروب تشن، ومعارك تُدار، وخراب يعم البشرية، لأن العاطفة رسمت صورة ما، في عيني فئة من الناس، ولم ترَ غيرها، الأمر الذي يجعل من قدسية تدمير الآخرين لدى العاطفيين، والذين قد يتصورون نبوءات، وكرامات تخص كل من يتبنّى الفعل العاطفي، ولذلك لا يمكن أن يرف جفن للعاطفي عندما يمحق ويسحق، ويلحق الأذى بالآخر، لأن عاطفته العمياء تسوّل له بأن ما يقوم به هو من فعل «سماوي»، تؤيده عليه يد الله، وتشد من أزره. إذن إذا أردنا أن نتّقي شر الخطيئة، علينا أن نلتفت نحو العقل قبل العاطفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

للعواطف مخالب تزيح التفكير للعواطف مخالب تزيح التفكير



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates