العيش من أجل البقاء العيش من أجل الحياة

العيش من أجل البقاء العيش من أجل الحياة

العيش من أجل البقاء العيش من أجل الحياة

 صوت الإمارات -

العيش من أجل البقاء العيش من أجل الحياة

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

إذا كان التاريخ لعبة مزدوجة، فإن لعبة التاريخ تكمن في هذه الحوارية، عالية الصوت والمُندسّة في معطف البشرية، مثل بيضة فاسدة، لها شكل البيضة، ولكنها غير صالحة لتغذية الجسم.
في عالم اليوم، يبدو المشهد مثل غيمة تغطي وجه الشمس، ولكنها لا تمطر، فقد نرى شخصاً ما يسعى لأن يحقق ذاته من خلال الإعلان صراحة عن حبه للحياة، ولكنه في طيّات هذا المسعى، يقوم على حب الذات، على حساب ذوات أخرى، وهذا النهج لا يمكن أن يكون حباً للحياة، بل هو حب لطرف، في مقابل إفناء لطرف آخر، أي لشخص آخر.
فحب الحياة هو مثل السماء، لا يمكن أن تتخلى عن جزء من الأرض لحساب جزء آخر، حب الحياة شمولي، لا يتسعه الشخص الذاتي، حب الحياة جدول يأتي من قمة الوجود، ليصب في محيط هذا الوجود، وإن حدث، وإن تعرقل هذا الجدول لسبب من الأسباب، فسوف يتغير لون الأشجار التي كان يمر بجوارها، وبعد حين سوف تعجف الأشجار، وتتكسّر أغصانها، وتتحطّم، وتقع على الأرض، وبعد حين لن نجد مكاناً للعصافير، ثم بعدها لن نسمع تغريداً يملأ الكون، ثم يصبح الكون مجرد غابة من الصمت، وصفير مخيف يدل على التوحّش، ولعنة الفراغ الوسيع الذي يضم الكون.
حب الحياة أمر مختلف، إنه الحالة الشعرية الداخلية التي تبني أسلوبها الشعري على نهج الأزهار، والتي تصفق صباحاً لأجل أن تأتي الفراشات، وتلثم خدودها برقّة ودماثة ولباقة، وتألّق ورشاقة وأناقة.
حب الحياة مسيرة الذات، نحو حياة من دون تعقيد حواجب أو تغضين جبين، أو اكفهرار. حب الحياة يعني البناء، والعيش من أجل البقاء، هو توحش الذات، وانغماسها في بحيرة الأنانية الضيّقة، الذوبان في مصهر الدونيّة المقيتة.
العيش من أجل البقاء يعيد الكائن البشري إلى حالة بدائية، رعويّة، تهيم به في صحراء الشح، وقحل السجيّة.
العيش من أجل البقاء هو مرحلة ما قبل قماط الطفولة، هو الزمن في ساعاته الأولى، حيث يكمن الكائن على قمّة الشجرة في انتظار الفريسة، أو الهروب من المفترسات.
العيش من أجل البقاء هو الحياة في غضون متطلباتها الغريزي لا غير، وهو أيضاً الوحشيّة البشرية، المنبثقة عن الجبلة، التي قال عنها فرويد بأن في داخل كل إنسان يكمن كائن غابي فظ، وعقيم.
نحن بحاجة إلى محبّي الحياة، لأنهم الوحيدون الذين يجعلوننا، تحت إضاءة تمنع تعثّرنا في الحياة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العيش من أجل البقاء العيش من أجل الحياة العيش من أجل البقاء العيش من أجل الحياة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates