علي ابو الريش
من يستطيع أن يلوم أو يؤنّب أو يوبّخ أي دولة تقاطع دولة أخرى، استشعرت منها الخطر على سيادتها، منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، وقطر تحاول أن تشيع فاحشة الفوضى في المنطقة. تتآمر على هذه الدولة، وتحاول تدبير عملية اغتيال لرئيس دولة أخرى وبث شائعات ملغمة حول دولة ثالثة، وهكذا، وكأن هذه الدولة اتخذت قرار العبثية، وربما لعقدة ما تكمن في ضمير حكامها، لكن ما نراه واقعاً هو هذا التخبط والتناقض، في علاقاتها مع الدول، فبينما هي تقيم علاقات دافئة مع إسرائيل، نراها تتأبط سياسة حماس في المنطقة، كما أنها تعانق الجماعة في رام الله، ولا تنسى قطر أن تمد ذراعاً طويلة إلى إيران، ثم تخاصم دولاً أخرى، وتبني علاقات رمادية ومن تحت الطاولة، وهكذا تضرب قطر كل المعايير الدولية، والقوانين والشرائع السماوية، ولا تلتفت إلى أنه قد ينقلب عليها مخلب الشر، وتصير هذه الدولة المتواضعة في الإمكانيات الجغرافية والبشرية، ضحية سياسات عشوائية بنيت على الحماقة والعصبية واللامبالاة.. وإذا كان هذا هو حال هذه الدولة الشقيقة والجارة، فماذا يمكن أن يكون رد الفعل تجاه هكذا عدوانية مريرة، أصبح نزف الدماء من جرائها تطفق به بلدان ووجدان. ماذا يفعل الآخرون، وقد تجلّدوا بالصبر طويلاً لعل وعسى يستعيد العقل من فقد العقل، ولعل وعسى تتنظف شرايين الحقد من الروث والعبث. ولكن لا جدوى، ولا مجال للفرص، لأن الطرق إلى الصفح باتت مسدودة، والرجاء والدعاء باتا مثلما يطلب الظامئ الماء من السراب. قطر قررت ألا تكون دولة شقيقة عندما استأنفت عداواتها نحو الكل، وتبث كل لواعجها المسمومة ضد الكل، ولم يبق مجال للقول، عسى ولعل.. الأمر بات محسوماً بالنسبة لمن يحكم قطر، وهو الآن يلهث وراء الغريب طالبا الحماية، ولا ندري ممن يريد الحماية.
كان بإمكان هذا الحاكم أن يعي دوره وحجمه، وأن يقول إن الله حق، ويتوقف عن تبذير الأموال لدعم الشر، وشعب قطر أحق بهذه المليارات التي ذهبت سدى، بل وخلّفت وراءها الكراهية، كان بإمكان حاكم قطر أن يفكر في القادم، لأن هذه الدول التي يتكئ على خاصرتها ويعتقد أنها درع الحماية، ما هي إلا فقاعات مرحلية سوف تزول، ولن يبقى إلا الشقيق الذي قطرة من دمه تساوي كل هذا الدخان الذي تشعله قطر هنا وهناك، لن يبقى غير الشقيق الذي إذا حلكت الظروف سيكون هو المصباح الذي يضيء طريق قطر في بحر الخليج العربي.