الحب في زمن كورونا «2»

الحب في زمن كورونا «2»

الحب في زمن كورونا «2»

 صوت الإمارات -

الحب في زمن كورونا «2»

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

رق قلبه وهي تهمس له من خلف نقاب كورونا، فاستجدت عاطفة قديمة، خمدت تحت طائلة من أيام الرتابة، ونشطت مشاعر تجمّدت تحت نقطة الصفر؛ جرّاء المناوشات اليومية، وحروب البقاء من أجل الأنا المتوهّمة بعطاء لا تذل له يد، ولا يكل له بد.

في هذا الصباح وهو يتأمل عينيها اللوزيتين، الغارقتين في محيط الأسئلة الأبدية، أخفق الرجل في العثور على جسارته السابقة، فسعى إلى تلمس العذر، كي يهرب من جفوله السابق، فاضطر أن يخفض بصره ويصغي إلى كلماتها المسهبة، والاستماع بإمعانٍ لكل ما تفوه به، وتعلق به على أحداث مضت، وتستدعي صور الماضي بشيء من العتب الرحيم. وبينما المرأة تمارس طقس تبادل أنخاب الأحاديث اليومية، كان الرجل يفتّش عن مناطق الجمال في هيئة الزوجة، وهي لا تعد ولا تحصى، وقد اختفت لفترة زمنية، إثر سكون العاطفة في مضارب صحراوية جافّة، وأحياناً رطبة مالحة.

حاول أن يتذكر كلمة حب، فلم يعثر عليها، وظلّ ينبش في محفظة القلب، حتى عثر على كلمة بدت ذابلة مثل قصاصة ورقية مهملة، استخرجها، وظلّ يمسح على صفحتها، ويدلكها بيديه، ثم يمد البصر حيث لامس مهجتها، وقال برفق وحنان لم تشهد له مثيلاً من الزمن الجميل، يوم كان يغدقها بابتسامة أشف من عيني الطير، ويوم كانت تترقرق أمامه مثل حلم طفولي، وتمسح على مشاعره، مثلما تفعل الأنسام حين تلامس خد الطبيعة. أنسجت المرأة مع الحالة الراهنة، فألقت بوشاح الحرير، فتبين الرجل تفاصيل الكائن الخرافي أمامه، وهو يتجلّى بأحلام العفوية، ويتوّج مشاعره بقبّعة سماويّة مسهبة في الجمال. أنّب نفسه، وشعر أنه أسرف في التنائي، لمدة طالت حتى أصبح من الضرورة بذل ما يستطيع، كي يعيد الجدول إلى حيث تكمن الأشجار، وحيث ينمو العشب.

كان يوماً أصيلاً في زف الخبر اليقين بأن الحب لم يمت، وإنما كان ينتظر السقيا من لدن رجل حكيم، يفهم ما يختبئ تحت الجفون، ويعي أن الحياة لا تستيقظ غزلانها، إلا عندما يجتاح الغابة الزئير، فانتبه الرجل، وتقدّم خطوة، فتقدمت هي خطوتين، والتقى المضيق بالمحيط، وتحرّكت زعانف الحياة مرفرفة، محتفلة بأول يوم زفاف حقيقي، من دون طبول الزيف.

في صباح يوم جديد، عندما فتح عينيه، ونظر إلى المرآة، كانت قد أزالت الغبار وبدا وجهه مثل ورقة توت غسلها المطر، وصار قلبه يستمع إلى موسيقى خرافية لم يسمعها منذ زمن. التفت إلى المرأة التي تغيّرت.. وتغيّرت، وتغيّرت يداها اللتان أصبحتا جناحين يطوّقان أحلامه، فيمضي معها إلى أفق لم تلوثه العواصف، ولم تكدّره الأمواج الهادرة، ولم تضجره كلمات السخط، وعبارات الامتعاض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحب في زمن كورونا «2» الحب في زمن كورونا «2»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"

GMT 04:38 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

خدع بسيطة لتحصلي على عيون براقّة تبدو أوسع

GMT 01:20 2013 الأحد ,21 إبريل / نيسان

دومينو الـ10 ألاف "آيفون 5 إس" الجديد

GMT 01:14 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الإقامة الفاخرة في جزيرة جيكيل الأميركية

GMT 20:41 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إريكسون يؤكد أن ساوبر أنقذت نفسها من موسم "كارثي" في 2017

GMT 10:32 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

دلال عبد العزيز تكشف عن تفاصيل دورها في "سوق الجمعة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates