لو علمت الوردة

لو علمت الوردة!

لو علمت الوردة!

 صوت الإمارات -

لو علمت الوردة

علي ابو الريش

نعيش دوماً في التذكر، ونمضي العمر في صناعة الصور البلاستيكية، كبديل لصورنا الحقيقية. نحن نخاف من الحقيقة، فنلجأ، إلى الخيال، هذا الخيال الذي يأكل من أعمارنا حتى يأتي وقت النهاية، ونكون قد استنفدنا كل طاقتنا الإيجابية، وانغمسنا في السلبية حتى قاع الكأس. لو نظرنا إلى الحيوان، لو تمعنا في النبتة البرية كل هذه الكائنات البديعة تعيش الحياة كما هي، وفي كليتها، ولا تجزئها إلى أزمنة، ماضية، وحاضرة، ومستقبلة.

الإنسان كائن كلي مثل ما هي الكائنات الأخرى، ولكن ما يسبب معاناة الإنسان هو هذا التمزيق للجوهر، هو هذا التشريح السيئ للذات، ما يجعل لم الشمل صعباً، وأحياناً مستحيلاً. فعندما تكون أنت جزأين، وتكون نصفين، لا تستطيع، أن تعيش الحياة بكليتها وبوحدتها.

الحياة كل، والوجود كل، والإنسان بصفته خاضع للعقل، يذهب به هذا العقل إلى أزمنة ثلاثة، وكل زمن له حياته، التي خلقتها الظروف، والعقل لا يريد العيش في الحياة وإنما، يريد أن يخوض في الظروف، والظروف ليست من صنع الحياة، وإنما من صنع إنسان آخر، بنيت معه علاقة، والعلاقة قد تسوء، وقد تحسن، وهكذا يبدو الإنسان المجزأ ذاهباً إلى التعاسة التي صنعها بنفسه، خارجاً من غرفة السعادة، بمعرفته، متجهاً، إلى حيث يكمن ذبوله. ولو فكرت الوردة أنها ستذبل لما أزهرت.

المشكلة أننا نفكر، في الذبول ونخاف من الذبول، ونحاول أن نتحاشاه، لكننا نقع فيه. عندما تخاف الشيء، تقع في شراكه، الخوف طريق الانهزام، وما يصيب الإنسان من إحباط، ويأس هما نتيجة الخوف، والتفكير في الخوف، يدفع بالإنسان كي يفكر في الماضي، سعياً، منه لاتقاء الحاضر، والعكس هو الذي يجب أن يكون.

الحاضر، هو زمانك، هو حياتك، وهو كلك، وجوهرك. ما خلفته في الماضي، ليس لك، وما تركته، بالأمس أصبح، خلفك، فلماذا لا تنظر إلى الأمام لترى الشمس بدلاً من أن تنظر إلى الخلف، وقد تصطدم، بجدار، أو تقع في حفرة. كن كالوردة، وانثر عبيرك اليوم ليأتي غيرك غداً ويكمل الطريق.

طريق الحياة ليس لك وحدك، هو بحر، وكل الأسماك تعبر منه، وكل الأسماك فرحة بزرقة البحر وصفائه. عندما لا تشعر أنك وحدك الذي تركب القطار، ستدرك أنك لا بد من أن تدع مجالاً لغيرك، كي يطل من النافذة، ليرى الحقول والطيور، وكلما شعرت بهذه المسؤولية، اتسعت حدقتا عينيك، ورأيت العالم أجمل. لا تتجزأ، ستجد في الكلية جوهرك الناصع، ستجد في داخلك كوناً جديداً ينمو ويزهر وتعبق منه رائحة الحب. أنت تحتاج إلى وحدتك الداخلية، ليولد الحب كبيراً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو علمت الوردة لو علمت الوردة



GMT 19:41 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أزمات إقليمية جديدة

GMT 19:23 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قيصر روسيا... غمزات من فالداي

GMT 19:19 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المفهوم الايراني للانتخابات... والعراق ولبنان

GMT 19:14 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة مناخية ملهمة للعالم

GMT 23:17 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

ظهورُ الشيوعيّةِ في لبنان

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates