التعلق

التعلق!

التعلق!

 صوت الإمارات -

التعلق

علي ابو الريش
بقلم - علي ابو الريش

هناك شتان ما بين حب التعلق، وآخر هو حب الحرية. ما يحدث في عالم اليوم وفي بعض الجهات من عالمنا الأثري، هو الناس يعشقون وفي عشقهم مذاهب التعلق والتمسك، وتملك الآخر. هذه معضلة وجودية، ربما لا يعيها من يعيشون تحت سطوة اللاشعور، ولكنها في حقيقة الأمر، هي القوة الفاعلة التي تسوط وجدان الناس سوط عذاب، وتجعلهم في غبة الهم، والغم، وفي زحمة السقوط المريع في الحفر السوداء.
التعلق بشخص، أو طائفة، أو أيديولوجيا، يجعل الأفراد يعتقدون أنهم وصلوا إلى درجة اليقين، وما اليقين إلا كائن أعمى يقود أصحابه إلى اعتقادات خاطئة، فهو كالسراب، يريك الماء من غير ماء، ويسحبك إلى مزيد من التصحر، والجفاف إلى درجة الانكسار، ثم التفتت، ثم التشتت، ثم الضياع في متاهة اللاوعي.
حروب ضروس، ومعارك طاحنة تدور بين شعوب وقبائل، وفصائل، بسبب هذا الحب الأعمى، أي حب التعلق بجدران واهية ومرافئ تصطك فيها أمواج الغضب، فتحفر في الوجدان أخاديد، وشعاباً، تطغى على جل الحقائق، وتبيد المنطق، وتجعل الناس هوام تنطح بعضها بعضاً، وتفتك ببعضها، ولا يبقى في الواقع سوى عقل خرج من العقل، ونفس أمارة تفشي الضلالة، وتنشر نخالة المشاعر في الأزقة، والنواصي.
أحلام المتعلقين بالحب الأعمى، هي طيور جارحة، ومشاعر من خشب، تحملها قلوب عجفت، فتيبست، فخارت، فانهارت، فضاعت في الخضم، كما هي القشة في أحضان الريح العاصفة.
أشواق المتعلقين بالحب الأعمى، هي قصاصات ورقية مكانها سلال المهملات، ومكبات النفاية، هؤلاء هم الذين يلونون الحياة عبر طباشير لا لون لها، وعلى سبورة متناهية في الصغر، هؤلاء هم الذين يعبثون بوجدان الحقيقة، ويحولون الحياة إلى ساحة بيداء، عشواء، شعواء، شوهاء، غبراء، هؤلاء هم الذين يمقتون الفرح، ويسخطون السعادة، ويسكبون على الزلال ملحاً، وعلى العطر نتانة، ويمارسون هواية الشقلبة على جمرات النار، هؤلاء هم عشاق البؤس، والرجس، والنحس واليأس، والبخس، والرفس، والدهس، هؤلاء هم القتامة، والغمامة، والعتامة، والجهامة، هؤلاء بقايا ما تبقى من إنسان الغاب، يكتسحون الحياة بصور خرافية من أضغاث الأحلام ونوايا ما قبل الوعي، وانكسار الضوء، وخسوف القمر، وكسوف الشمس، وجوائح ما أنزل الله بها من سلطان.
هؤلاء من أصل عاد وثمود، ومن قرى نائية في هذا العالم، جاؤوا يهطلون بعرق النهايات القصوى لبشر ما عرفوا غير الضد، وكراهية الأحلام الزاهية. هؤلاء مكبلون برايات أشبه بأجنحة نسور مهزومة، وساريات أشبه بأشرعة ممزقة، هؤلاء لا مكان لهم في عالم يشرع لأن يقبض على الفرح بأنامل أرق من وريقات التوت، وأنعم من قطنة مصرية طويلة التيلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعلق التعلق



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates