عندما يصحو طفلك ليلاً

عندما يصحو طفلك ليلاً

عندما يصحو طفلك ليلاً

 صوت الإمارات -

عندما يصحو طفلك ليلاً

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

عندما يصحو طفلك ليلاً، وقد زاغت عيناه، واضطربت جوانحه، وارتعدت فرائصه، وارتعشت أطرافه، وانهالت الدموع من عينيه، فاعلم أنك في النهار قمعته، وفي ساعة غفلة ردعته، وفي لحظة حماقة كبحته.
فانهض من نومك، وتذكر ماذا بدر منك، لتصحح المسار، وتكف عن ممارسة جبروت الكبير في حق الصغير، فكر جيداً، تهمل، ولا تمهل، بل فكر ملياً في ما يجري في هذه الليلة، حتى لا تتكرر لياليك المرعبة.
طفلك نهض من هدأته، لا ليقلق منامك، وإنما ليرفع إشارة الخطر، وليعلمك أنك ليس وصياً، بل مربياً وعليك أن ترتب أثاث وعيك، وتهذب أوراق إدراكك، وتستدعي العقل كي يحضر بوعي ويشهد ما اقترفته بحق هذا الكائن الصغير الذي يدرك ما لا تدركه، ويعي ما لا تعيه.
هذه الصرخة المدوية التي أطلقها في هذه الليلة، إنما هي جرس إنذار لمن لا يتذكر طفولته، ويريد للصغير أن يصبح كبيراً، متجاوزاً عمره الزمني، ومراحل الطفولة وعفويتها الجميلة.
هذه الصرخة ليست احتجاجاً على فعلتك فحسب، بل هي تذكيراً لك بأنك تقوم بدور الجلاد تنصب نفسك قاضياً، من غير شهادة علمية تؤهلك للقيام بدورك الأبوي.
هذه الصرخة، تخبئ في معطفها الطفولي نداءً واضحاً، واستدعاء لأخلاقك، التي ربما تكون قد نسيتها وأنت تخلع ملابس النهار، لتهجع ليلاً من دون ما يقلقك، فالآن جاء دور من يدق أجراس الليل التي في ثناياها يكمن كل مستور، وكل جار ومجرور.
في هذه الصرخة، سرد ليلي لحكاية نهار تمت فيها عملية سحب البساط من تحت قدميك، وافتضح أمرك، وأنت تقود معركة غير متكافئة مع طفلك الذي يتعشَّم الخير فيك دائماً وينتظر منك الحنان وليس جنون العظمة، الذي يتوخى فيك الرحمة، وليس زحام المشاعر الملتهبة مثل الأورام السرطانية في الجسد المريض.
هذه الصرخة، وما تلاها من نشيج، ونحيب، وشهقات، وهقات، إنما هي طرق على صفيح ساخن، يحتاج منك أن تفتح عينيك أكثر، وتتعلم من الطفولة براءة الصغار، الذين يعيشون في أكناف الحمقى، والموتورين، واللا مبالين، والعابثين في جنة الأبناء.
هذه الصرخة، تريد منك شيئاً من الوعي، وبعضاً من الإدراك، بأن التربية، ليست عصا تجرح المشاعر قبل الجسد، تهتك الروح، وتفتك بالقلب.
هذه الصرخة كشف حساب لولي أمر غاب عن الوعي في لحظة انشغال ذاتي فانهمر مثل الصخرة على رأس صغير، لا يفهم في الحياة غير الحب.
هذه الصرخة تريدك أن تخرج من عقلك الملوث، وتدخل في خيمة المشاعر النقية، وتتقي الله في صغير لم تزل مشاعره مثل قطنة لا تحتمل عصف الرياح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما يصحو طفلك ليلاً عندما يصحو طفلك ليلاً



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates