ثقافة الكورونا «1  2»

ثقافة الكورونا «1 - 2»

ثقافة الكورونا «1 - 2»

 صوت الإمارات -

ثقافة الكورونا «1  2»

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

الكورونا أوقع العقل البشري في ثقافة سوداوية مأساوية، والناس جميعاً يعيشون تحت وطأة الجائحة اللعينة، ولا حديث ولا خبر ولا تحليل ولا تفسير إلا حول هذا الوباء، وجميع الناس، صغاراً وكباراً، أصبحوا فلاسفة وأطباء وخبراء وعلماء، أصبحوا في وضع التقييم والتقويم لما يحدث وما يستجد في العالم، حول الكورونا.
ونستطيع أن نقول إنها صدمة حضارية ألمت بالعالم، وأنها الشرخ الذي أصاب الوجدان البشري، فالإنسان الذي كان يتصور أنه صعد أعلى الشجرة، ولن يصيبه أذى الضواري، أصبح اليوم أضعف من جناح بعوضة، ولا يستطيع مواجهة هذا الغزو اللا مرئي، وينتظر متى تتفتق قريحة العلماء والمختصين، ويتم إنتاج اللقاح الفاعل والناجز، ويتم القضاء على الوباء الفتاك، ولكن ما يؤمل وتشخص العيون في انتظاره ليس بالأمر الهين، أو الممكن حدوثه، وهذا ما يزيد من العصاب القهري، ويضاعف من الإحساس بالضعف أمام كائن جبار ومخيف لا يخشى لومة لائم.
وأعتقد أنه لا بد وأن يتمكن العقل البشري من قهر هذا الوباء، لأنه من طبيعة البشر قبول التحدي، ومواجهة الصعاب مهما كانت جسارتها وصرامتها، وهذا هو سبب طبيعي في قدرة الإنسان على الصمود في مواجهة الكوارث الطبيعية، ولكن ما لا يمكن زواله هي الآثار النفسية التي سيخلفها وباء الكورونا، لأنه لا محالة، فقد أنتج ثقافة جديدة على مختلف الصعد، سواء في ثقافة الطعام أو التسوق، أو العلاقات الاجتماعية، أو في مسألة الحياة في المنازل، والتعامل مع الماء والصابون ومواد التطهير الأخرى.
نحن الآن نتحد عن عصاب قهري أصاب العقل، وأصبح الناس لا يفارقون الكمامات ولا المطهرات ولا القفازات، وبعد انقشاع الغمة، سوف يحدث فراغ نفسي، وسوف يشعر الإنسان من الصعوبة مغادرة ثقافة اكتسبها بحكم الظرف، وعليه أن يستغرق زمناً كي يعتد على الحياة الجديدة.
ثقافة الكورونا، هي ثقافة قسرية، ظرفية، ولكنها لن تغادر العقل لمجرد تلاشي الوباء، بل سوف يظل من رمالها ما يملأ العيون، وسوف تترك في اللاشعور الجمعي ما يعيق الحياة العادية لفترة قد تطول أو تقصر حسب الأثر النفسي الذي ستتركه لدى الأشخاص.
ثقافة الكورونا ليست بمجملها سيئة، ورب ضارة نافعة، فهناك من العادات التي اكتسبها الناس جراء حدوث هذا الوباء، ما هي مفيدة، ولازمة للإنسان، لأنها تعيده إلى طبيعته، وتخرجه من عادة اللامبالاة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثقافة الكورونا «1  2» ثقافة الكورونا «1  2»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates