تنبؤات

تنبؤات

تنبؤات

 صوت الإمارات -

تنبؤات

بقلم _علي أبو الريش

تنبأت لي منذ الصغر، وقلت يا ولدي ستصبح مثل المطر، تغزل خيوط الشمس سحابات، وترسم للبحر عيوناً، رموشها من نسق الأحلام الزاهية، ومن فيض الفكر. ها أنا أخطو الآن أولى خطواتي على أديم لا فيه ماء، ولا فيه عبق الزهر، كل شيء يمضي بين أصابعي، مثل ماء مدر، وعندما أستدعي الذاكرة، أقول كيف لها كل هذا الخيال، وكل هذا الكذب المستتر، كيف لها كل هذا النضوح من آنية، نزيفها ملح أجاج وخدر. ثملت، وكان الكأس فاك، وكنت الشظف المتشظي، وكنت المستعر.

كنت في صياغة الكلام، مثل شاعر مفوه، لكنه كذاب أشر، ومع كل ذلك كان عقلي الصغير، ينصت وينتشي لشراب الكأس المتحدر من الحضارات الأزلية، والكذب والفكر، وانسال اللاشعور المبهر، والمفتقر لكل أشكال الصدق، وأشكال البوح الحميمي المزدهر.

كان التاريخ يمر عبرك مثل الغبار في سجادة الصلاة، مثل التلاوة أثناء الغفوة، مثل الهفوة في ثنايا الكلام المنمق، مثل غفلة الصائم ساعة ضجيج الذاكرة، وامتصاصة قطرات السكر في طبق السحور الفائت. كان بوحك سرد الأشجار للطير، عن أمنيات الازدهار لربيع لا يأتي، لِغَد عشبي في وضح الصيف القائظ. كانت دموعك وأنت تغرفين من صحن الأوهام، مثل جدول ضيق انهمر من مستنقع، فمر على شفتي، فشعرت بذبول الزمان، رغم محاولاتك الزائفة في التزيين والتلحين والتلوين والتضمين والتخمين، كنت على شفا حفرة من الانفجار وأنا أرزح تحت وطأة الأنين، كان لأنينك، وصمة الانحطاط لأناي، وبصمة قاتمة ملأت وعائي المزدحم بالنكسات وخذلان الأيام. كنت أقرأ في وجهك كذب الذين طوقوك بحبل المسد، وأعلنوا فك رباط الفكرة لديك، لتبقين في التلقين مثل شريط غرسه أعمى، في أحشاء آلة التسجيل، ولم يستدل مكانه لاستبداله بآخر.

كنت في اليقين، عندما كنت ترددين النشيد برتابة، وتمضغين الكلمات مثل حشائش يابسة، وتجترين الفكرة تلو الفكرة، وبلا هوادة، وأنا أصيغ السمع لفكرة الوجود، وما بيننا، كان البحر يشق لسان اللغة، ولم أستطع النظر إليك وأنت في الغمار تمخرين عباباً وبحاراً. كنت على يقين من أنك محفورة بقيد، وكيد الذين لوّنوا الأوهام بالإدغام، وسكنوا في الذاكرة مثل الصدأ، واحتلوا مكان الصدارة في رسم لوحات تشكيلية من غناء الببغاوات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تنبؤات تنبؤات



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 18:45 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 11:33 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 16:51 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

اضيفي اجواءًا جريئة ومشرقة على جدران المنزل

GMT 20:37 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

مطعم ياباني يقدم وجبات لحوم البشر بـ 20 ألف جنيه

GMT 17:53 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

ندوة لمناقشة رواية "منتصر" في مكتبة "البلد"

GMT 04:12 2020 السبت ,09 أيار / مايو

برشلونة يقترب من حسم صفقة نجم يوفنتوس

GMT 11:39 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كيت ميدلتون توضح تفاصيل اللقاء الأول مع الأمير وليام

GMT 04:07 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

انتقادات قوية لرئيس بريشيا الإيطالي بسبب بالوتيلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates