سذاجتنا تصنع كهنتنا

سذاجتنا تصنع كهنتنا

سذاجتنا تصنع كهنتنا

 صوت الإمارات -

سذاجتنا تصنع كهنتنا

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

من يتابع اليوم شاشات التلفزة، يصاب بالدهشة، وهو يسمع ويرى ما يراه النائم في منامه، من مفكرين، ومحللين، وباحثين، ومفسرين، ومؤولين، ومنجمين، وعرافين، كل هؤلاء يستشرفون المستقبل العربي، ويقرأون فنجان الإنسان العربي، ويرعدون ويزبدون، ويهدرون، ويزأرون، وينعقون، وينعبون، وينقون، ويشهقون، ويمارسون التنويم المغناطيسي على العقول، فيصدق من يصدق، ويصفق من يصفق، ويكسر كؤوس الشاي من يكسر.
وبعد كل هذه الطواحين الهوائية، التي تدور من حولك وأمامك حتى تشعر بالغثيان، تتوقف برهة لتسأل نفسك.
يا ترى، بعد كل هذا العجيج، والضجيج، ألم يبق أمامنا من حل لخرابنا، العربي، ويبابنا، وسرابنا، وعذابنا، وبكائنا، الذي لم تجف ينابيعه، ولم تكف نغماته عن تلوين تاريخنا بالجروح الباطنية.
إن هذه العبقريات التي تحتل مساحات واسعة من الأعلام كما تسطو على العدد الوفير من العقول، وأصبحت مثل الوباء تعيث فساداً في الوعي، وتدمر أعشاب الغابة، وتفتك بأشجارها.
هذه العبقريات التي تمتلك من البلاغة، والنبوغ في الكذب والافتراء، هي التي جمدت العقل العربي، وحولته إلى قطعة ثلج تذوب في قالب معدني صدئ، حتى يتحول الماء الذائب إلى سائل نتن، يلوث، ولا يبعث الروح في كائن شظف، كلف، تلف، مادت به الأرض، ومارت الجبال، على رأسه جراء ما يسمع، ويرى من تهويمات، وعزف منفرد على عود القضايا الضائعة، والأزمات المتفاقمة، والكذب المرصوص على جدران العقل.
المحللون يوسعون من رقعة الكذب، والسذج يهرعون إلى ملاذات مفرغة عندما تستهويهم ما يلفق، وما يتدفق من مياه المواسير، التي تغرق، وتسرق العقول، لأن المحللين لديهم قدرة تدويل الأفكار، وتحويلها إلى سيمفونيات، تتناغم مع سذاجة السامع، وتعبه أيضاً من المصطلحات الضخمة، التي ترن في الدماغ، حتى يكاد ينفجر من شدة الرنين، ومن تكرار الطحن، وتبذير الطحين.
ورغم كل ذلك لم يتوقف التحليل، ولم تطو الشاشات المروجة لهذه الجثامين، عباءتها وترحل، بل لا زالت، تطحن، وتعجن، وتجلد العقول بعصا الخرافة، وتسوق منتجاتها في سوق السذج، وتملأ الجعب، بكل ما صخب، وعطب، ولن تتوارى الخرافة ما دامت هناك أوعية تحتمل إخفاء هذه الحثالة، بل وتستلذ بها وتنتشي بها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سذاجتنا تصنع كهنتنا سذاجتنا تصنع كهنتنا



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates