علي أبو الريش
مع إيران، قد يغالط البعض نفسه، قد يحاول تسكين الجرح، قد يفكر في كلمة «ربما» تتغير السياسة، وتنتصر على الأيديولوجيا، ولكن كل هذه الأمنيات تبوء بالفشل أمام الزحف الشرس للعنف الإيراني والتوجهات المدعومة، من نص في الدستور الإيراني يدعو إلى تصدير العنف وزعزعة أمن الدول المجاورة، وإثارة الفوضى، كل ذلك بانتظار المهدي المنتظر؟!
المسألة مسألة فكر، وإذا لم يتغير الفكر فلن تتغير السياسة، ولن يتغير أصحابها، وما نسمعه من كلام معسول يخرج من فكر مسلول، يرسخ قناعاتنا بأن هذه الدولة ماضية إلى ما وراء الكلام الظاهر، مدفوعة بعقل باطن، مشحون بالحقد والكراهية، بدوافع عقد تاريخية قديمة، قِدم العرق الفارسي، فهذا البلد احتل الصدارة في الشوفينية والعنصرية، ومن يتصور أن المذهب «الاثنا عشري» هو الدافع الأساس مُخطئ، بل إن هذا المذهب استخدم غشاء يخبئ تحته العقدة المجوسية الكارهة لكل ما هو غير فارسي، الأمر الذي يجعل قادة إيران يرتكبون أفظع وأشنع الجرائم في حق القوميات الأخرى في إيران، ومنهم العرب والأكراد والأذريون والبلوش، وغيرهم من قوميات، وللأسف الشديد، فإن العرب يواجهون إيران خارج حدودها، ويواجهون من يحارب عن إيران بالوكالة، مع العلم أن الداخل الإيراني يعج بالضعف والهوان والارتباك الاجتماعي والاقتصادي.
فإيران «البعبع» ليس إلا وهماً صفته الدعاية الإيرانية والتفكك العربي، ولو فكر العرب في المصلحة الواحدة، لاستطاعوا أن يدحروا هذا العدوان وبكل سهولة.
العرب لديهم القدرات البشرية والمادية والإرث الثقافي، والتاريخ يشهد على هزائم إيران خارج حدودها، عندما تصحو الشعوب وتعرف كيف تنتزع حقوقها من الظلم الإيراني. ما يحصل الآن في العراق ولبنان وسوريا وكذلك في اليمن، دليل على أن إيران لن تتراجع عن مخططاتها إلا عندما تزيح الغمامة عن أعين قادتها، بعد أن يسمعوا صوت العرب الواحد، مدوياً في وجه الاستبداد والتوسع..
وأستغرب من أولئك الذين أطلقوا الكذبة وصدقوها، فما يطلق عليه فيلق القدس الذي يقوده قاسم سليماني، لم يعرف بعد البوصلة التي تؤدي إلى القدس، بل إنه شذّ عنها ووجّه كل غضبه وحقده على بلاد العرب، منتهكاً السيادة والشرعية متوهماً أن الطريق إلى القدس يمر عبر اليمن مثلاً، أو العراق، لتعاني شعوب المنطقة ويلات العنف والخسف والنسف والتعسف، كل ذلك بذريعة انتظار ما لم يأتِ، ويا ليت القيادة الإيرانية تفكر بالانتظار الطويل الذي يعيشه الشعب الإيراني لكسب لقمة العيش الكريمة، والحياة المعبّدة بتعليم يشمل المدن والقرى التي تعاني الأمية، والنقص الحاد في المرافق الصحية، كل هذا أجدى من انتظار الوهم المزروع في أذهان المشعوذين.