أنت والأبناء

أنت والأبناء

أنت والأبناء

 صوت الإمارات -

أنت والأبناء

بقلم - علي ابو الريش

أنت والأبناء في وضع الثابت والمتحول، في النسخة المتأخرة والنسخة المتقدمة، تكونون في جمل تترادف فيها المفردات، وتتقاطع، وتتشابك، وتختلف إلى حد التناقض. تكونون مثل خطين متوازيين لا يلتقيان مهما امتدا، ومهما مد الحب ذراع الخنوع، والخشوع، تكونون في النهر أعشاباً تتنافر ألوانها وأشكالها، ولغة محاكاتها مع الماء.

أنت والأبناء تذهبون في طريق آخره توجد أعمال حفر، وتغيير المسارات، وتعديل إشارات المرور، وخطوط تبدو مضاءة بألوان بعضها باهتة، وبعضها لامعة، تكون وأنت لا زلت في الزمن المخصب، بينما، يعيش الأبناء في متحول الأزمان، والأطوار، وما بينكم شارع فسيح مزدحم بالعابرين والمشاة، تحاول أنت أن تبحث عن وجهك في وسط الزحام فلا تجد غير صورة شائهة، تحاول أن تتعرف على نفسك بينهم، فلا تعرف غير زمنك الذي مضى، وأنت في الزمن، تطرح أسئلتك، القديمة، فتتلقى ابتسامات باهتة، لا تعبر عن شيء، ولا تفضي إلى شيء، تشعر بالضآلة، وأحياناً تبتئس وتشم في أفكارك رائحة نتنة، لكنك لا تريد أن تقول لهم إنها رائحة ذاكرتك القديمة بل تصب اللوم وتكيل التوبيخ لواقع أنت لست منه.

أنت والأبناء أشبه بغرباء يسافرون على متن طائرة، إلى بلد ما، تجلسون على كراسي متقابلة، ومرصوصة ولكن لا أحد يفهم لغة الآخر، وعندما تود الاسترخاء، وتطلب من أحد الجالسين أن يفسح لك كرسيه، كي تأخذ قسطاً من الراحة، فلا تجد اللغة التي تسعفك كي تعبر عن مطلبك، فتضطر إلى استخدام الإشارة، وهذه أيضاً لا تجدي، مما يرغمك على البقاء في وضعك القديم، مع صعوبته، مفضلاً ذلك على رد فعل قد يحرجك. وما أن تهبط الطائرة، ويطلب من المسافرين مغادرة الطائرة، تشعر أنت بالتعب وقد تصلب ضلعك، وتجمدت قدماك، وغادر الجميع، ولم يبق إلا سواك، تجتر تعبك، وتمضغ ما تتقيأه الذاكرة من صور أشبه بعملة غير صالحة للتداول.

وبعد فوات الأوان تفتح عينيك وتجد نفسك في مكان آخر، وقد غادر المسافرون جميعاً إلى وجهتهم. تصبح أنت كملك مهزوم، لا يزال يستدعي الذاكرة، لملك مهدور، ويبعث الآهات حرى، ولا بديل له إلا التحول، حتى وإن بقيت في ملكه ذرة رمل، خير من فوات الأوان، والبكاء على غدر الأزمان.. نحن بحاجة إلى التحول لنبقى في الوجود أحياء.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنت والأبناء أنت والأبناء



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 02:47 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 صوت الإمارات - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 صوت الإمارات - مدحت صالح يعلن عن ألبوم جديد وتحضيرات مميزة لحفل رأس السنة

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 03:29 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

تعرفي على وصفات طبيعية لشعر صحي لامع

GMT 16:28 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"المواصلات العامة" تكرّم موظفين من شرطة عجمان

GMT 00:46 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس العراقي يلتقي وزير الخارجية الألماني

GMT 13:30 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد و بن زايد يهنئون ملك بلجيكا بيوم الملك

GMT 06:06 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

جميع سيارات "BMW M" ستكون كهربائية بحلول عام 2030

GMT 22:23 2014 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

جامعة سلمان بن عبدالعزيز تطبق نظام المجالس الإلكترونية

GMT 14:46 2015 الإثنين ,27 تموز / يوليو

موقع إخباري عربي عملاق ينطلق قريبًا من أبوظبي

GMT 01:52 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

تصاميم عبايات غاية في الأنوثة

GMT 15:00 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

العاصي رواية لميادة أبو يونس رحلة من الشك الى اليقين

GMT 16:48 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

أقراط العام الجاري تخطف الأنظار

GMT 04:08 2015 الخميس ,08 كانون الثاني / يناير

"الصحافيين الإلكترونيين" تقدم مشروع قانون تأسيسها في مصر

GMT 04:37 2013 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

عواصف ربيعية تسبب ثلوجًا وأعاصير في أميركا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates