علي أبو الريش
التفجير الإرهابي لقافلة «الهلال الأحمر الإماراتي» يشير بالبنان والبيان إلى أن هناك فئة من البشر تتغذى على الشر والعدوان، وسجيتها الحقد والكراهية، في الصومال يفجرون أنفسهم ويفجرون الآخرين، وحتى اليد التي تمتد لهم لأجل رفع الضيم والجوع واللظى تتعرض للغدر، لأن الذي تربى على الدونية يكره حتى نفسه، وإن توافرت ظروف إنقاذه من علل الحاجة فإنه يشعر بالغضب، ولا يقبل أن يكون إلا كما كان واعتاد، هذه الروح المحنطة المنحطة المتخبطة المتورطة في الذل والهوان لا تستطيع أن تعيش إلا في هذا المستنقع الرهيب العجيب، الغريب.
هذه الروح التي أصابها الشطط واللغط والغلط تشعر بالحاجة الماسة إلى واقع التفتت والتزمت، وتهتك الجدران، وانتهاك الوجدان، في خضم حرائق وطرائق وسوابق، يصنعها العقل المنافق، ولا توافق مع الذات مهما بلغت الظروف من انفراجات، لأن هؤلاء أغلقوا النوافذ، وأحكموا الأقفال على الأبواب، ودخلوا في غرف مظلمة لا يدخلها هواء ولا ضوء، وقد شبه الفيلسوف الهولندي سبينوزا هذا الصنف من البشر كمن يعيشون في كهف، ووجوههم باتجاه الجدران، لا يرون شيئاً سوى السواد الحالك، ولو حاولوا الخروج من هذه الغرف فإنهم يصابون بالهستيريا وحالات عصبية تنتابهم أشبه بمرض الصرع، هذا الصنف من البشر لا يعرف اسماً للمعروف، ولا يفهم ما معنى الخير، فهو يذهب باتجاه واحد لا غير، هو اتجاه الشر، فعندما يلقى الخير من الآخرين فإنه يصاب بالصدمة النفسية، ويعيش في حالة انحطاط قيمي وأخلاقي مريع ومفزع، فهو عندما يتدفق الخير إليه من ذوي الخير يشعر مثل الذي يخرج من النور لأول مرة ويتعرض لضوء الشمس، يموء كما تموء القطط، ويكشف عن أنياب ومخالب، وتتلبسه حالة وحشية أشبه بوحشية الضواري والمفترسات.
إذاً لا نستغرب أبداً أن تتعرض قافلة الإمارات الخيرية، وأن تواجه هذا القنوط والجفول والنكران والجحود من ذوي النفوس المريضة، والعقول الكهفية، والأرواح المفرغة من كل معنى من معاني الحب والمشاعر الإنسانية الشفيفة، ولكن الإمارات التي تنطلق من قيم المؤسسين والقيادة المؤمنة بالحب للناس جميعاً لن تدخر جهداً، ولن تتوانى عن مواصلة مد يد الخير للذين ظلمهم أهلهم قبل أن يظلمهم الغير، ولن تتوقف مساعي العطاء مهما بلغت التضحيات، فهذه هي سمة أهل الإمارات.