بعض الأحلام أضغاث

بعض الأحلام.. أضغاث

بعض الأحلام.. أضغاث

 صوت الإمارات -

بعض الأحلام أضغاث

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

عندما تتسع دائرة أحلامك، تصبح رغباتك مثل الأسماك الصغيرة الهاربة من فك مفترس، تصبح رغباتك مثل نثار الغبار، تصبح أنت مثل سفينة تتلاطم في صدرها الأمواج العاتية، تصبح أنت مثل الهارب من دخان حريق هائل.
الأحلام عندما تتحول إلى أضغاث، فإنها تحيق بك، وتحرقك، وتمزقك، وتغرقك، وتسرقك، وتخطفك منك، إلى فراغات تضيق بك إلى أن تخنقك. أنت في الأضغاث مثل مملكة نمل تطاردها الريح، أنت في الأضغاث قفص صدري تتهشم أضلاعه بفعل الاصطدام العنيف بعربة زمن متهور.
أنت في الأضغاث خارج إطار الزمن، وفي عنق زجاجة سميكة. أنت في الأضغاث تتجاوز حدود القدرات، وتطير بجناحين من سعفات النخيل.
أنت في الأضغاث تسبح ضد التيار، أنت في الأضغاث، تمتطي ظهر قارب مجاديفه من خرقة بالية. أنت في الأضغاث مثل عربة تشق طريقاً وعرة، تحت خيمة من الضباب الداكن. أنت في الأضغاث كمن يقضم أظافره في ساعة احتدام الوعي، واستعار النار في غرفة العقل.
أنت في الأضغاث، لا تحلم وإنما تمشي في زقاق ضيق تحت جنح الظلام الدامس. أنت في الأضغاث، لا تحلم، وإنما تحكي قصة خرافية لطفل أصابه الأرق في ليل يضج بالصور الخيالية الفجة. أنت في الأضغاث، تسكب الكيروسين على كومة من القش، فتحرق ثيابك، ولا تملك إلا نزع ما ترتديه، لتبدو أمام العالم عارياً، من أشيائك ما عدا الوهم، هو الذي يحيطك، ويطوقك، ويمتلكك، ويستولي على قدراتك، لتصبح أنت الذبابة العالقة في وعاء لزج. أنت في الأضغاث دمية، يحاكيها طفل صغير، وكأنها أمه الرؤوم، ولما لا يجد من ريق يبلل شفتيه الناشفتين، يهم بهدمها، وتدميرها، ورميها في القمامة.
أنت في الأضغاث مثل عبارة نافرة في قصة حياة غير واقعية. أنت في الأضغاث مثل كائن يزين محياه القبيح بمسحوق رديء، فيبدو مسخاً، يبدو نخالة تالفة. أنت في الأضغاث مثل نبتة تائهة في صحراء قاحلة. أنت في الأضغاث ثكنة عسكرية مغلقة، بأسلحة صدئة.
أنت في الأضغاث تحلق ولكن بوعي مغيب، وعقل أصيب بعطب البدائية. هكذا يشيخ الذين في عقولهم ضغث ولا يصحون إلا في لحظة الحشرجة. هكذا يصبح الذين يحتويهم الضغث، فلا هم في الصحو، ولا هم في النوم المريح أنهم في الغمغمة، أنهم تحت وصاية الغمامة، أنهم في حومة طغيان اللا واقع. هكذا هم من يقعون فريسة الأضغاث، تراهم في الواقع مثل نخالة القمح، مثل حثالة الماء الضحل، مثل نحلة امتصت زفير زهرة بلاستيكية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعض الأحلام أضغاث بعض الأحلام أضغاث



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates