بقلم : علي أبو الريش
مثلما اشتاقت الصحراء لقطرات المطر، تلهفت الإمارات لوحدة تذود عنها سوء الخطر، وعند شروق يوم من أيام الدهر، تشقشقت السماء عن بزوغ نجم كانت هامته بامتداد الأمل الذي سكن القلوب.
وكانت نظرته بسعة الطموحات التي استولت على النفوس، وكان حبه بطلعة الجبال الشم، لأول وهلة ارتسمت على محياه الطاهر ابتسامة سماوية رحبة، وهو يرى علم الإمارات يرفرف في السماء كأجنحة الطير. سار بالركب بجواد الآمال العريضة والأمنيات الكبيرة، ولم يكل ولم يمل في أن يحقن القلوب بدماء الحماس، من أجل اتحاد يمنع الفرقة ويرفع الأعناق عالياً، وهكذا صار الاتحاد واقعاً، كما هي الصحراء التي ربطت أرض الإمارات من السلع حتى شعم، وجلل القائد المؤسس زايد الخير، كل طموحاته بثقافة الحب والتسامح، ونشر السلام في
ربوع الإقليم ثم العالم، مؤمناً بأن الحياة لا تثمر أشجارها إلا بماء السلام والاستقرار، موقناً أن الإنسان وظيفته في الأرض حماية مخرجاتها، ورعاية خيراتها لينعم البشر بخيرها ويتقوا شرها، واليوم وبفضل خليفة الخير، وقيادتنا الرشيدة تبدو الإمارات واحة للطير، وساحة للخير، وحقلاً تزهو به زهور السعادة، والإنسان جوهر هذه الحقيقة.
وفي الهند، كان المهاتما غاندي بالجسد النحيف، والعقل المستنير.. سار مشياً على الأقدام، ليطوف أرجاء الهند، مؤمناً بأن بلد مئات الملايين ومئات الديانات والأعراق، يستطيع أن يعيش في وعاء الوطن الواحد، إذا ما تخلى عن «الأنا» المتورمة، وتجاوز الذات وانتمى فقط إلى الهند العظيمة، وبذلك يستطيع أن يرفع علم الهند عالياً ويحمي أجيالها من التطرف والانحراف إلى حافة الموت، وقد دفع غاندي حياته ثمناً لهذا المبدأ العظيم، ولكن كل ذلك لا يهم، المهم في الأمر هي الأفكار التي زرعها هذا المتبتل في محراب العصامية، لقد بقيت أفكاره مثل شجرة راسخة في تربة العقول المستنيرة، ملبية نداء الوطن، ومواجهة الشيفونية الدينية بكل صرامة وحزم، لأنها على ثقة بأن التشرذم الديني هو معول الهدم، الذي يقضي على الأخضر واليابس.
الرجال العظماء هم الذين يصنعون المستقبل الزاهر، وهم الذين ينتجون الأفكار الزاهية، وهم الذين يحفظون الأوطان من الزلل والخلل، وفي بلادنا ينعم الإنسان بقيادة منَّ الله عليها بفكر ثاقب ينظر إلى الماضي، ويده على الحاضر وعينه على المستقبل، وما بين الأزمنة الثلاثة يكمن حب الوطن والانتماء إلى الإنسان.
في الإمارات والهند الأمر سيّان، الحب وحده، النهر والزهر، والفكر والدهر، والإنسان يسكن في قلب الحب، في جوهره، في النقطة الوسطى من محيطه.. الإمارات والهند إذاً جديرتان بقيادة الإنسانية إلى سلام يعم ويضم، ويملأ القلوب نسائم حياة وقطرات نجاة من كل غث ورث.
المصدر: الاتحاد