خيانة الضمير «2  2»

خيانة الضمير «2 - 2»

خيانة الضمير «2 - 2»

 صوت الإمارات -

خيانة الضمير «2  2»

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

اليوم ورغم التطور المادي، والتكنولوجي، إلا أن العقل المتطور لم يزل في مرحلة طفولية بائسة، في علاقته بالآخر، ولم يزل يمارس الحبو على أشواك الأنانية.
كلما توسعت رقعة الآلة الجهنمية، كلما ازداد الضجيج، كلما ازداد ضعف السمع لدى الإنسان، كلما شعر بعدم القدرة على التواصل مع الآخر، الأمر الذي يجعل من العاطفة الإنسانية في حالة انحسار وتصهد، وتبدد وتقدد، وكلما يبست عروق العاطفة، كلما ازداد العقل يباباً وكلما عجفت أشجاره، وكلما تضورت المخلوقات في حياضه، وتوحشت، وتوجست، وطالت مخالبها، وأصبحت مثل أقواس النشاب.
لقد فقد الضمير سلطته منذ أن فكر الإنسان في اعتبار الطبيعة بأنها كائن شرير، ولا بد من قهره، وكبح قدراته على النمو، والارتقاء.
فالضمير الميت، يجعلك تخل في عملك، يجعلك تخون ولا تصون، يجعلك تنفض يديك من كل مسؤولياتك الوطنية، والإنسانية، بل تصبح أنت المعرقل لكل فكرة مفيدة، وإيجابية.
الضمير الميت يدخلك في قبره، فلا تعود تعرف من أين تشرق الشمس، ولا كيف يمارس الناس حياتهم الطبيعية، ما يجعلك تنام العمر كله دون الوعي بأهمية أن تكون شريكاً صادقاً ومخلصاً في عبور القارب ضفتي النهر.
الضمير الميت يعيق خطواتك إلى تحقيق ما تتطلبه منك ضرورات المواطنة، ويعرقل طريقك إلى إنجاز ما هو واجب، وما طبيعي في النشوء والارتقاء، وتحقيق الأمنيات واسعة الحدقات.
خيانة الضمير، تجعلك تفكر في الخروج من الأزمات بأقل الخسائر، وأكبر المكاسب، ولو على حساب الآخر، لأنك في الخيانة تقوم بدور قاطع الأخشاب في الغابة، لا يفرق ما بين الأشجار الحية والأشجار الميتة، أنه يقطع فقط، ويغرس فأس الكراهية في الجذوع، والأغصان.
أنت في الخيانة تقوم بدور عصابات تقتل الحيوانات للفوز بالثروة، لا هدف لها غير الانتصار على هذه الحيوانات وسلخ جلدها، وانتزاع قرونها.
في الخيانة، تقلب الموازين، فالحلال حرام، والحرام حلال، ولا يعد لغاندي، ولا لروسو، ولا لابن رشد من مكان، لأنه في حضور الخيانة، تتوارى الحقائق، وتختبئ القيم، ويختفي الحلم الزاهي خلف تراكمات اللاوعي، ويصبح العالم تحت هذا الركام، بذرة مسممة بثاني أكسيد الكربون.
في الخيانة، الأشياء تبدو رمادية والألوان يختلط بها دخان عوادم الضمير، والوجوه مثل رسوم كاريكاتيرية فاشلة.
في الخيانة، تتحول الأحلام إلى مخالب وأنياب، والأفكار إلى نيازك متطايرة، تحرق أشرعة المسافرين إلى قارات الصور الخيالية المشوهة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيانة الضمير «2  2» خيانة الضمير «2  2»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates