بقلم - علي ابو الريش
بعض البشر أعقاب سجائر، تسحب دخانه، ثم تمجه، ثم تزم بوزك رافضاً رائحته، بعض البشر، مثل محارم ورقية، تنشف بهم العرق، ثم ترمي بهم في سلة المهملات، بعض البشر، كائنات طفيلية، لا بد من اتقاء قذارتها، والتخلص من رائحتها، والتبرؤ من وجودها.
بعض البشر، لحظات زائدة في عمرك، لا حاجة لك بها، وإن استمرت، تشيع في نفسك الفزع، لأنها ليست لك، هي هكذا تقتحم حياتك، وتطوقك بصور خيالية قاتمة تحاول أنت أن تنفر، وتستنفر طاقتك كي تفرغ جعبتك من حثالتها، ونخالتها، كما هي قشور القمح التالفة.
بعض البشر، يقتحمون حياتك، مثل غيمة الغبار في صحراء ترابية قاحلة، بعض البشر، مثل لقمة بائتة، لها رائحة نتنة، وطعم لاذع، لا جدوى من لمسها.
بعض البشر، أحافير مدفونة في قميص التاريخ القديم، تكذب التقارير، والأبحاث عندما تدعي أنها تعبر عن لحظة تاريخية مزهرة.
بعض البشر مثل السراب، له لون الماء وما هو بماء، إنه خراب المراحل، وعذاب المفاصل، إنه شكل من أشكال الخُدع البصرية توهمك بالغد المشرق، والأمل المتألق، ولكنك في نهاية الأمر تكتشف أنها مجرد فقاعة تطفو على سطح ماء متسخ بقشات ما تبقى من زبد.
بعض البشر، إمبراطوريات وهمية نشأت على أعقاب غفلة من زمن الحضارات البائدة، فعصت، واستعصت على أذهان الأبرياء، وتوسعت، وتنمرت، وتهورت، وتطورت نسلاً من بقايا ونوايا ورزايا وبلايا وغبش ما بعد النوم، وعبث ما قبل الهمجية، ورثث ما بين النذالة والوقاحة.
بعض البشر مثل الوقاية من مرض عضال، بمصل بدائي، عقيم، لا جدوى منه.
بعض البشر، ورطة الكون البشري، ولعنة تطل على العالم من تحت جفون من اتخذوا من العدمية وسيلة للبقاء والانتشار، كما تنتشر النار في الهشيم.
بعض البشر محنة الأبدية، التي أطاحت بكل الكائنات التي لا يمكنها التكيف مع الحياة، واستبقت هؤلاء البشر، ليكونوا عبرة لمن يعتبر، ومثالاً لسوء الانتخاب الطبيعي.
بعض البشر، هم أموات تأخر دفنهم، وهم مشاعر من نشارة الخشب، وهم بقايا معدن الرصاص، نسيها الحدادون في ساعة لهوجة، أو غفلة من الزمن.
بعض البشر سقطة تربوية، تحللت من القيم الإنسانية، وتخلت عن جبلتها فاستولى عليها الضيم، والضنك، وبانت في سحنتها، فشل الصنعة، وبؤس الصنيع.
بعض البشر، خرافة لا يصدقها إلا مشعوذ، أو ساذج، أو مهرول نحو ضياع الفكرة.
بعض البشر، يأتونك بلسان أشبه بملعقة بلاستيكية، تحسبها ملعقة، وما هي بملعقة، تنكسر بين يديك، لأول غرفة من طعام.
بعض البشر، جزيرة نائية يخافها حتى الطير والعياذ بالله.