حب الذات مداهنة ونفاق

حب الذات مداهنة ونفاق

حب الذات مداهنة ونفاق

 صوت الإمارات -

حب الذات مداهنة ونفاق

بقلم - علي ابو الريش

انظر إلى طفلك، عندما تجده يستحوذ على كل شيء، ويصارع من أجل امتلاك ما له وما لغيره، فتأكد أنه مشروع إنسان كبير، منافق، ومداهن، وأناني، ولا انتماء له لأي شيء.

تأكد أن مثل هذا المخلوق الصغير، هو إنسان لا يحب إلا نفسه، إنه بذرة فاسدة، لن ينتج عنها شجرة معطاءة، ولا نبت طيب.

مثل هذا المخلوق سوف ينشأ كتلة من جحيم، تحرق كل من حولها، وتكوي الآخر بنيران الطمع، والجشع والشبق المدمر.

حب الذات آفة البشرية، وجرثومتها المهلكة، وهو القدرة الفائقة على الوصولية والانتهازية، ومحق الآخر.

حب الذات يأتي من منطقة أنانية بحتة وفجة، وقميئة، تجلب على الأناني، كما تصب على الآخر رزايا تأكل الأخضر واليابس، ولا تبقي ولا تذر، لأن الشخص الأناني هو قلب من حجر، وعقل من كدر، وروح تواقة إلى النمو على حساب الآخر، ولا يرى الشخص الأناني في العالم سوى نفسه، ولا يسمع إلا صوته، ولا يشعر إلا بألمه الذي لا نهاية له، طالما هو ينزع إلى الوقوف في مركز الدائرة، ومهما امتلك هذا الشخص من مقومات ضعيفة إلا أنه يحس أنه الأفضل، والأجدر من الآخرين، الأمر الذي يجعله دائم التذمر والإدانة، وكره من سواه، لأنه وصل إلى يقين أنه المثال والنموذج الذي يجب أن يحتذى به، وأن يقتدى بسلوكه، وأن يخضع لتطلعاته، ولا يرد له طلب، ولا يعصى له أمر، ولا يخالفه أحد.

محب الذات، لم يزل في مرحلة طفولية باكرة، بمعنى أنه يريد أن يأخذ ولا يعطي، وأن يعيش حالة الأخذ بلا نهاية، وأن يمر من كل الطرق من دون عقبات، وأن يدلف في الزوايا، والأزقة من دون أن يعرقل طريقه جدار، وأن يعبر من دون موجة تخفق عند صدر مركبه، وأن يصعد من دون عقبة تقف في مسلكه، وأن يمشي ولا أحد يوقفه، وأن يحرك عجلات دراجته، ولا أحد يعيقه.

محب الذات شخص لا منتمٍ إلا لنفسه، ولا منحاز إلا لذاته، ولا ملتفت إلا لظله، ولا يرى سوى صورته في المرأة، هو نرجسي إلى حد الثمالة، هو متقوقع إلى درجة الاحتباس، هو هكذا مخلوق من مشاعر أشبه بنشارة الخشب، أو من بقايا قطع غيار تاِلفة.

محب الذات يحسّن التمثيل، ولعب الأدوار المزدوجة، واقتباس أكثر من شخصية في آن واحد.

محب الذات يملك قدرة استثنائية على التحول من حالة حزينة، إلى أخرى مرحة حسب الظرف والحاجة، وحسب متطلبات الدور الذي يريد لعبه.
محب الذات شخصية أخطبوطية، بارعة في التلون، والتشكل والقفز على حبال المراحل من أن يرف له جفن، أو يرتجف له طرف.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حب الذات مداهنة ونفاق حب الذات مداهنة ونفاق



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 10:54 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 11:26 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

غوغل تُتيح فتح الحسابات بـ"بصمة الإصبع" دون كلمة مرور

GMT 05:32 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

الملابس المزينة بالسلاسل الذهبية لإطلالة أنيقة في 2019

GMT 02:55 2014 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح معرض الكويت الدولي الـ39 للكتاب الأربعاء

GMT 21:02 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

وفاة والدة عبد الفتاح الجريني بعد صراعٍ مع المرض

GMT 06:08 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

منصور بن زايد يصدر 4 قرارات مهمة في نادي الجزيرة

GMT 03:05 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

رواية "كاراكاس" رحلة بين الثقافتين المصرية والفنزويلية

GMT 17:34 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

محكمة الأسرة تشطب دعوى تمكين أحمد الفيشاوي من رؤية ابنته

GMT 23:41 2013 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

"آبل" تحضر لمؤتمر WWDC 2013 بتعليق لافتات عن "iOS 7"

GMT 17:32 2017 الإثنين ,23 كانون الثاني / يناير

خالد الجريسي نائبًا لرئيس اتحاد الفروسية

GMT 13:50 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ محمد بن زايد يأمر بتحديـث سياسـات الإسكان

GMT 17:00 2013 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

إطلاق أوبريت "القدس أرض الأنبياء" من بيروت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates