بقلم : علي أبو الريش
عندما تضع القيادة على قمة أجندتها سعادة المواطن والمقيم، وعندما يصبح المقيم مواطناً بحكم القواسم المشتركة التي تجمع المواطن والمقيم على أرض واحدة، فهذا يعني أن الإمارات تجاوزت فلسفة أثينا في القرون الواعية، وسابقت الريح للوصول إلى منطقة الرحابة بسحابة الحب، ونجابة أهل الخصب والحدب، هذا يعني أيضاً أننا وفي خضم العواصف والنواسف، نعيش في فلك غير ذاك الفلك، وأننا نملك ما لا يملكه غيرنا من قواعد الحكمة وقوانين الفطنة، ما أدى إلى قناعتنا أن الإنسانية بإمكانها أن تعيش بوئام وانسجام إذا ما تخلت عن الأنانية، وتفادت ما يثقب الوجدان ويشوه الإنسان، ويبعثر الأشجان، فالأرض نحن منها، جئنا ونذهب إليها، وأنيطت لنا من رب العالمين أن نعمرها بالحب، ونزهرها بالود، ونزينها باللطف، ونزخرفها بالوفاء، ونوطد أواصرها بالإخاء، ونحمي ترابها بالإباء، ونمنع عنها التسويف بالرخاء، ونثريها بفن المعاملة وحسن التلاقي، هذه القناعة تذهب بها القيادة إلى كل الناس لأجل الناس، وأجل أن يحفظ التاريخ لنا هذه المآثر التي نسيها البعض، ودثرها بالحقد، وزملها بالعدوانية، وبعثرها بالشر.
وعندما تصبح بلد بهذه السجايا والثنايا والطوايا والنوايا، فإنها بالتأكيد تكون عاصمة العالم من دون منازع.
فالدول تكبر ويعظم شأنها وتتسع حدقتها ويلمع طوقها وتشيد نطاقها وتبرع في تقدير العالم لها ليس بقوة الجحافل ولا بهيبة القوافل، فكل ذلك زائل لا محالة، والأمثلة في التاريخ كثيرة، فأمم سادت ثم بادت، وإمبراطوريات أسفرت وكشرت واتسعت وتوسعت وانتهت إلى لا شيء، الشيء الوحيد الذي يبقى هو هذا الأسطورة الكونية الذي اسمه الحب.. الحب وحده ذلك، القابع، الساطع، البارع، الرائع، الناصع، القادر على أن يهزم جيشاً عرمرماً، ويبيد قوة غاشمة، ويقضي على الشر والعدوان لأنه الإيمان الحقيقي الساكن في القلوب الذي لا يتزعزع ولا يتفرع ولا تغشيه غاشية إذا ما أصبح جزءاً من كيان الإنسان، وصار كالماء والهواء يتنفسه ويتجرعه الكائن الحي.
الإمارات عاصمة العالم، لأنها بوتقة الحب ووعاء الخصب والزهرة التي تعطي عبيرها لكل من يقترب منها من دون أن تفرق بين دين أو لون أو جنس.. الإمارات بهذا المعنى، تذهب بالعقيدة الإنسانية نحو بعدها الإلهي ومساقها الكوني ومسارها الوجودي، وتوقها إلى جعل الناس أمة واحدة، يجمعها الحب، وتؤلف بينها الإرادة القوية التي لا قوة تهزمها.. الإمارات عاصمة العالم، قارة الحب، محيط الموجة البيضاء، وفضاء النوارس النبيلة.