الإنسان انقرض أم انقرضت إنسانيته

الإنسان انقرض أم انقرضت إنسانيته

الإنسان انقرض أم انقرضت إنسانيته

 صوت الإمارات -

الإنسان انقرض أم انقرضت إنسانيته

بقلم : علي أبو الريش

من الهول، من فداحة المعضلة، من أول المهزلة حتى آخر المرحلة، نجد في داعش آخر ما توصل إليه الإنسان المتوحش، آخر ما طالته النفس المدمرة بالحقد، الملطخة بدماء العدوانية والكراهية. وعندما نقرأ الخريطة، نجد أن الأنهار جفت، والعيون ما كفكفت دمعاً، والقلوب ما أوقفت نزفاً، لأن الفقدان عظيم، والهول فظيع، والضياع يفتح هوة أوسع من ثقب الأوزون، كل ذلك مدعاة للأسئلة، فهل انقرض الإنسان أم انقرضت إنسانيته؟

كان مارتن هايدجر الفيلسوف الألماني الوجودي قد حذر من موت الإنسان، بعدما شاهده من مأساة أتت على الأخضر واليابس في حروب أوروبا الضروس، وأعطى مثالاً لضياع البشرية في أتون «الميكنة» وتجميد الضمير الإنساني في ثلاجة التكنولوجيا الفظة، وسيراً على منوال هذا النهج الميكني، دأبت داعش على الخروج من ملاءة الإنسانية لترتدي شرشفاً من الكتان المقزز، وتعتلي المشهد الإنساني، وتتصدر الأحداث، لتصبح هي الحدث الجلل في عالم القرن الواحد والعشرين، وتعلن عن دولتها المشؤومة، متخذة من الأبرياء أول الضحايا، ومن تهشيم الأوطان أولى الخطوات، وتعتيم المبادئ أولى المقدمات.

لا أعتقد أن الإنسان أو بالأحرى، غالبية البشر موجودون على قيد الحياة، ما دامت إنسانيتهم تحتضر، ممثلين بداعش ومن والاها، ومن دعمها، ومن عزز أفكارها، ومن دفع بآلياتها كي تصبح دولة عظمى، تنتشر في كل أنحاء العالم، تفتك وتنتهك، وتقض المضاجع، وتفشي المواجع، فالإنسانية المعذبة بداعش تقف على حافة هاوية، وعند سواحل تنهمر فيها الدماء، مثلما تنكب المياه غير الصالحة للشرب، في مستنقعات الغش الأيديولوجي.

والإنسانية المعذبة بداعش، تواجه اليوم مصير سقراط، الذي فضَّل الموت على الخيانة، لأنه كان يعلم أن من يتحدثون باسم الدين هم الأبعد مسافة عنه، طالما رخصت أرواح البشر بين أيديهم، وطالما هانت عليهم السيادة الوطنية لحساب أفكار وهمية، وأحزان تاريخية، وتهيؤات خيالية من فيض شيزوفرينيا، ومرض ذهاني فتاك.

الإنسانية المعذبة بداعش لابد وأنها ستنقرض، لأن الإنسان بلا ضمير، هو كائن أجوف، بلا معنى ولا دلالة، وما يتم على أرض الواقع، يدفع بالفكر الإنساني، إلى ركوب عجلات فارغة تؤدي به إلى الضجيج ولكن بلا مضمون.

الإنسانية المعذبة بداعش، تصنع جيلاً مهمشاً، محطماً، متبرماً من الحياة، متوهماً بالجنة التي يفرش سجادتها من أجساد البشر، ولونها من لون الدماء المهدرة. الإنسانية المعذبة تحتاج إلى عقل يخرجها من اللا عقل.

المصدر : الاتحاد 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان انقرض أم انقرضت إنسانيته الإنسان انقرض أم انقرضت إنسانيته



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates