ازدواجية الشخصية «2  2»

ازدواجية الشخصية «2 - 2»

ازدواجية الشخصية «2 - 2»

 صوت الإمارات -

ازدواجية الشخصية «2  2»

علي ابو الريش
بقلم : علي ابو الريش

هنا نعود إلى فيلسوفنا البنيوي الشهير ليفي شتراوس، والذي قال: «إن الإنسان مجموعة ثقافات، جاءت من أقاصي التاريخ، لتحضر في الزمن الراهن»، وكذلك أبدى فرويد نفس الفكرة، في قوله: «إن الإنسان المتحضر، يحمل في داخله نفاية زمن الغاب».

وأنت عندما تتحدث إلى شخص ما، تلاحظ مثل هذه الانثيالات تنهال فجأة، وبشكل غامض، وسريالي، لا يستطيع الفرد أن يغادرها لأنها أصبحت تمثل واقع حال بالنسبة له، ولا يمكن لنا أن نفرز تلك التشابكات، والتقاطعات عن بعضها، لأنه في نهاية المطاف ليس الإنسان إلا ذاكرة، وما الإنسان إلا شجرة أغصانها تعضد بعضها بعضاً، يميل غصن فلا بد وأن يتكئ على غصن آخر، وهكذا الإنسان، عندما تعترضه معضلة فإنه يطلب حق اللجوء إلى الذاكرة، والذاكرة هي التي تعينه على التواصل مع العالم، وقد يكون
التواصل سلباً، أم إيجاباً، المهم في الأمر أن الإنسان ليس أكثر من تراكم أفكار، استقرت في قاع الفنجان، وبقيت هناك، وكلما رفعت الفنجان، تحركت الدوائر الصغيرة الراسخة في القاع.
فلو تصورنا إنساناً بلا ذاكرة، ماذا سيحدث في الواقع؟ المصابون بالزهايمر هم الذين يعرفون مدى قيمة الذاكرة.
نحن ندين الذاكرة في كثير من المواقف، كونها تضم بقايا ونفايات تاريخية، ولكن هذه الذاكرة نفسها، هي التي تحفظ ودنا مع الزمن.
الزمن ذاكرة فسيولوجية، والتاريخ اختراع بشري للحفاظ على الزمن. ما بين الزمن والتاريخ علاقة ليس بين ندين، بل هي علاقة استكمال للرحلة الطويلة التي يقطعها الفرد منذ ميلاده وحتى رحيله عن الدنيا، وكذلك بالنسبة للمجتمعات، إنها تستكمل دورتها في النمو والارتقاء عن طريق الذاكرة الجمعية التي تضع للزمن تاريخاً، كما تضع للشخصية بناء وهيكلاً يبدو في بعض الأحيان مبهماً، ولكنه في الحقيقة يعبر عن جوهر الوجود الإنساني، والذي من دونه لا تكتمل الشخصية، بل إنها لو تخلصت من الازدواجية لأصبح الإنسان والحيوان في منطقة عقلية واحدة.
الإنسان مزدوج لأنه يفكر، والحيوان غير ذلك، لأنه يعمل بالطريقة الآلية، الموحاة إليه من الخارج. الإنسان كائن مفكر، والتفكير هو الذي يجلب للذاكرة حزمة الصور، والمشاهد والأحداث كل هذه تتراكم في مخزن الذاكرة، وتشكل شخصية الإنسان.
التفكير مثل الموجة، الموجة تجلب إلى الشاطئ بياضها، كما تجلب النفايات. من هذا المزيج تتكون الذاكرة، ومنها تتشكل الشخصية، ومن خلال هذه الشخصية المزدوجة، يبرز الإنسان المتدحرج على سفح التغيرات اليومية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ازدواجية الشخصية «2  2» ازدواجية الشخصية «2  2»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates