درب الحياة

درب الحياة

درب الحياة

 صوت الإمارات -

درب الحياة

بقلم - علي ابو الريش

 قد تبدو الحياة جادة ضيقة، بسعة ثقب الإبرة، وقد تبدو شارعاً فسيحاً يتسع لناقلة عملاقة. المسألة تخضع للتصور الذهني، ولخيال يحيك قماشة الأشياء، كيفما يكون هذا الخيال. عندما تضيق ذرعاً لأمر ما، فإنك تجد من حولك شعاباً مملوءة بالأعشاب الشوكية، تعيق مرورك عبر طرق الحياة، فتصيح أنت المتذمر بعدمية هذه الحياة، وبضيق طرقها المتشعبة، والقابضة على زمام رؤيتك للأمور التي تطوقك مثل الأغلال. لذلك فإن هذه الحياة التي نعيشها ما هي إلا تصور لا أكثر، هي هكذا بنيت على الصورة، والصورة نحن الذين نخلقها، ونصوغ بنيانها، ونشكل خطوطها، ونرسم تضاريسها مثلما يفعل الفنان التشكيلي، عندما يهم برسم لوحة تخص العالم من حوله. فقد تكون الصورة قاتمة إلى حد السواد، وقد تكون ناصعة إلى درجة الازدهار. فلك أن تتصور ماذا يحدث في هذا العالم من تصورات، ومن أخاييل، قد تشيع حروباً دامية، وقد تنشر وروداً زاهية.
لا حقيقة في الحياة إلا أنت أيها الإنسان الذي نشرت الحب، كما نثرت الكراهية. أنت وحدك من يلون قماشة الحياة كيفما تكون أنت، وكيفما يكون انتماؤك في هذه الشوارع الدنيوية. لا تصدق من يقول إن الحياة عدمية، كما لا تصدق من يقول إن الحياة شارع مفتوح على الفرح. الأشياء تبدو لك كما تكون أنت، لا كما هي، لأنه ما من لوحة أبدية استمرت كما هي، ولم يلحقها التلف. فلطالما تغنى الناس بالحياة، كما أنهم طالما ألصقوا بها كل موبقات الوجود. ما الحل إذن؟ إنه هو أنت، أنت الحل، وأنت السؤال المفتوح على الوجود، وأنت المتغير، وليس الثابت، فكن في صلب الأسئلة، تستطيع أن تخرج من نفق الجمود، والترسب عند نقطة الصفر. الأصفار لا تتراكم إلا عندما نكون خارج إطار التغير، عندما نكون شبه أحفورة، يغزوها الغبار، وتصبح جزءاً من هذا الغبار، ويصبح الغبار هو الشذا الملوث جرّاء أنفاسك الممزوجة برذاذ أنفلونزا الكآبة، والاستسلام للأمر الواقع، والتحدث بلغة اللا أدري، فأنت في اللا أدرية، تنوء بكم هائل من الأغطية الرثة، وتكون جزءاً لا يتجزأ من واقع مرتهناً للرثاثة المسبقة، الآخرون يقولون لك هذا أبيض فاختر بياضك منه، وعندما تذهب إلى اختيار ما اختاره لك غيرك، تكون أنت كمن يذهب إلى بيته وهو معصوب العينين، وعندما يفكر في الدخول إلى غرفة نومه، يصطدم بعتبة الباب فيصرخ، لقد غدرت، فهذا ليس بيتي، فبيتي أعرفه أنه لا يوجد على بابه حارس يمنعني من الدخول. هذه هي الخدعة البصرية التي يقع فيها عقلك، وأنت تلج فناء الحياة، مدفوعاً بكلمة لا أدري، وكلمة أخرى، هم يعرفون. عندما تكون على حقيقتك، تكون في قلب الوعي، تكون أنت الذي يصنع قماشة جلبابه، وليس قماشة الغير، وبالتالي سوف تجد شوارع الحياة مفتوحة على آخرها، تقول هيت لك، فامض في طريقك ولا تخش التعثر بالعتبات.

المصدر :

صحيفة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درب الحياة درب الحياة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates